باكستان : تاريخ سياسي منقوش بالدم

بقلم : سمير الضويوي
توقفت “مسيرة الحرية” التي يقودها رئيس الوزراء الباكستاني المُقال عمران خان باتجاه إسلام آباد على مشارف مدينة لاهور شرقي البلاد إثر وفاة الصحافية الباكستانية صدف نعيم بعد اصطدامها بالمركبة التي تُقِلُّه حين حاولت الحصول على تسجيل صوتي منه. أسبوع بعد تشييع الصحافية سيتعرض موكب خان لاطلاق النار مباشرة بعد استئنافه المسيرة في محاولة لاغتياله، قال أحد المشتبه فيهم أن تنفيده للعملية قام بها بشكل مستقل عن أية جهة، تأتي هذه المسيرة التي اعتبرها المراقبون الأضخم في تاريخ باكستان قياسا بالعدد الهائل لمناصري خان خصوصا من الشباب الداعمين لسياسته المنفتحة على الثقافة الغربية والذين يعتبرونها إيجابية رغم أنها مغامرة داخل مجتمع محافض حد التطرف قد تقود لنتائج أكثر دموية. تحركات خان بهذا الشكل جاءت على خلفية قرار لجنة الانتخابات بمنعه من الترشح لأي منصب سياسي كما أصدر الأعضاء الخمسة المشكلين للجنة بالإجماع إقصاء عمران خان من البرلمان حيث من المرتقب توجيه تهما جنائية له لسوء تدبيره وإخفائه هدايا تلقاها حين كان رئيسا للحكومة التي تم إسقاطها بحجب الثقة بعد ثلاث سنوات من ولايتها. ويحاول خان الضغط على حكومة خصمه شهبار شريف لإجراء انتخابات مبكرة بعد أن اكتسح حزبه عددا من المقاعد في الانتخابات الفرعية أياما قليلة قبل محاولة اغتياله، فقد احتشد لخان وحزبه دعم جماهيري غير مسبوق نظرا لوضعه الاعتباري كأيقونة رياضة الكريكيت وتوجهاته الحداثية وانتقاده للمقاربات الأمنية الأمريكية في المنطقة ودعوته للحوار مع طالبان باكستان الشيء الذي جعله وحزبه بِمنئ عن هجومات المتطرفين والتي طالت عدة قادة سياسيين في البلاد….فالمعطيات التي احاطت بمحاولة اغتيال عمران خان تدفع للتساؤل عن الأياد المسؤولة عنها وهل لها امتدادات خارجية لوقف زحفه الجماهيري نحو السلطة ؟! الجواب لا يغري بالبحث كثيرا انطلاقا من علاقات باكستان الدولية السياسية منها والدينية…أو حجم الصراعات الداخلية ومدى تحكم
لوبيات بعينها بمفاصل الدولة؛ تكفي العودة للتاريخ السياسي الممزوج بالدم والعنف. فالبداية افتتحها رئيس الوزراء لياقت خان من حزب (الرابطة الاسلامية) ، بعد فشل الانقلاب العسكري عليه عام 1949 سيتم اغتياله خريف 1951 بمدينة رواليندي، وفي صيف 1988 سيتم الإعلان عن وفاة الرئيس الباكستاني وهو في نفس الوقت رئيس أركان الجيش حين تحطمت طائرة كانت تقله رفقة دبلوماسيين اجانب أجمع الكل بوصفها مؤامرة مدبرة، إواخر عام 2007 سيتم اغتيال بنظير بوتو مباشرة بعد ترؤسها تجمعا انتخابيا، وكانت تلاحقها تهم الفساد واستغلال النفوذ، إبان ترؤسها لحكومتين بباكستان كما تم توجيه الارتشاء والفساد لزوجها آصف علي زارداري مما أجبرها للعيش بالمنفى لمدة ثماني سنوات متنقلة بين لندن ودبي، فالمحصلة كما قال صحفي بإحدى القنوات العربية ” إنها رحلة الموت التي تقود الساسة الباكستانيين نحو السلطة بوعي وبكامل الإرادة”