مدونة الأسرة : القوامة وسؤال المساواة

بقلم : سمير الضويوي
لم تحرز المبادرة الخجولة التي اقترحها الدكتور جيروم تيلوكسينغ منذ 23 عاما من جعل يوم 19 نونبر يوما عالميا للرجل كثير اهتمام، فالاستاذ المحاضر للتاريخ بجامعة جزر الهند الغربية بأرخبيل ترينداد وتوباغو جنوب الكاريبي بشمال شرق فنزويلا يريد لفت الإنتباه من خلال هذا اليوم الذي يوافق تاريخ ميلاد والده حجم المعاناة والاضطهاد الذي يعيشه الرجل على مدار العام ، والادوار المهمة التي يقوم بها لبناء مجتمع عادل كل من موقعه ، مع تعزيز الوعي لدى الجميع بالسلامة الصحية والنفسية للرجل، مع تنامي الشعور بالحزن من التجاهل الرسمي قياسا بالاهتمام المتزايد بالمرأة حد المبالغة في المحاباة قد يفرغ مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات من مدلولها واهدافها، فلا خلاف -في الحالة المغربية على الاقل- حول مراجعة كل ما من شأنه إلحاق الظلم بالمرأة أو هدر كرامتها ؛ ومنحها المواطنة الكاملة بالتساوي مع الرجل وإخراجها من منضومة الوصاية الذكورية ، تأسيسا على الفصل 19 من الدستور ، بما يحقق فعليا المساواة وخلق التوازن والاستقرار الاسري، من المنظور الحقوقي في شموليته ، رغم انه مقيد بأحكام الدستور وتوابث المملكة وقوانينها حيث التأويلات تأخذ مساحة فضفاضة ينجم عنها تنزيل معيب خصوصا في بعظ فقرات مدونة الاسرة المستوحى أساسا من منطوق الفصل 19 فيما يخص المساواة ، ارجع خطاب العرش الأخير إحدى معيقاتها ” لأسباب سوسيولوجية متعددة، لاسيما ان فئة من الموظفين ورجال العدالة مازالوا يعتقدون ان هذه المدونة خاصة بالنساء” فالمدونة كما قال جلالة الملك “تقوم على التوازن ،لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال ” فمن الثابت مبدئيا ان النصوص التشريعية وُضِعَتْ لإشاعة العدل بين الجميع وفي إطار تقاسم المسؤوليات، إلى أن سوء تدبير بعظ البنود القانونية تعطي الاولوية للعقوبات الزجرية السالبة للحرية خصوصا ما يتعلق بمسطرة إهمال الاسرة تحت دريعة القوامة للرجل مع ان المادة 199 من المدونة أشارت إلى تقاسم المسؤوليات بين الزوجين، وفي حال تبث عجز الرجل كليا أو جزئيا وكانت الزوجة ميسرة فهي المسؤولة على نفقة الابناء لكن غالبا ما يتم غض الطرف عن هذه المادة ، وبالتالي إضافة جرح العجز إلى جرح أكثر إيلاما بسجنه من طرف اسرته، فحتى القرآن كان واضحا بنصوص قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التأويل حين حدد مسار النفقة في سورة الطلاق (لينفق كل ذا سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد العسر يسرا) ، وهو من بين ما أشار اليه امير المؤمنين “لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما احل الله خاصة في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية” لذا يقول جلالة الملك “نشدد على ضرورة التزام الجميع بالتطبيق الصحيح والكامل لمقتضياتها القانونية كما يتعين تجاوز الاختلالات والسلبيات التي ابانت عنها التجربة ، ومراجعة بعظ البنود التي تم الانحراف بها عن أهدافها اذا اقتضى الحال ذلك” فهذه الدعوة الملكية لاعادة قراءة المدونة بشكل لا يحابي جهة على حساب جهة أخرى، فالقوامة عملية مشتركة تروم أساسا إلى خلق أجواء نفسية ملائمة للأطفال، والحد من تكديس السجون، وبعث نوع من الأمل في صفوف العازفين عن الزواج…