مقالات و آراء

أسامة الفتاوي رئيس جمعية الوسيط العقاري لجهة مراكش يبرز ما يجب معرفته عن قانون بيع و كراء عقار بالمغرب

بقلم : ذ محمد أسامة الفتاوي

يعتبر العقار في المغرب من أبرز المجالات التي أوليت لها الإهتمام في السنوات العشرة الأخيرة وذلك نظرا لأهمية العقار في الثقافة المغربية وفي الساحة الاقتصادية الوطنية عموما.

غير أن خوض تجربة اقتناء أو بيع أو كراء عقار بالمغرب، يمكن أن تتحول في بعض الأحيان إلى تجربة سيئة بالنسبة للبعض. خاصة عندما لا يكون يتوفر على معرفة في مجال العقار بالمغرب والإلمام بمساطر قانون العقار بالمغرب ومعرفة المحددات الأساسية لاختيار العقار الذي يلائمه.

سنتناول فيما يلي مساطر شراء أو بيع أو كراء عقار بالمغرب كما هي في القانون المغربي مع إبراز بعض الجوانب العملية والقانونية، وما يجب معرفته:

نبدأ بتعريف العقد وخصائصه:

للعقد عدة تعريفات، جلها من وضع الفقه، وأنسب تعريف هو الذي يعتبر العقد عبارة عن: “اتفاق بين طرفين أو أكثر بهدف إنشاء الالتزام أو نقله أو إنهائه أو تعديله”

وسوف نقتصر في دراستنا على عقدي البيع والكراء.

الباب الأول: عقد البيع:
تولى المشرع المغربي تنظيم عقد البيع في القسم الأول من الكتاب الثاني بمقتضى الفصول من 478 إلى 618.
الفصل الأول: التعريف بعقد البيع:
عرف المشرع المغربي عقد البيع بمقتضى الفصل 478 من ق.ل.ع ” عقد البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للأخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا الأخير بدفعه له”.
ويستنتج من خلال التعريف أعلاه أن عقد البيع عقد ناقل للملكية بمجرد تراضي الطرفين دونما الحاجة إلى الأداء أو التسليم كإجراء مترتب عن العقد.
كما نلاحظ أن تعريف المشرع المغربي واسع من حيث أنه لا يكتفي بنقل ملكية الأشياء فحسب وإنما يشمل نقل الحقوق المالية الأخرى سواء كانت حقوقا مادية أو معنوية ناشئة في المجال الأدبي أو الفني

الفصل الثاني: تمييز عقد البيع عن بعض العقود المشابهة له:
1- البيع والكراء:
إذا كان عقد البيع ينقل الملكية فعقد الكراء لا ينقلها، بل يرتب فقط حقا شخصيا في ذمة المؤجر للعين، باستثناء الكراء الطويل الأمد الذي يرتب حقا عينيا. كما أن الكراء يستلزم أهلية الأداء، على عكس عقد البيع الذي يستلزم أهلية التصرف.
2- البيع والمقايضة:
تشترك المعاوضة مع عقد البيع في كافة عناصره ما عدا عنصر الثمن الذي يقابله البدل في المعاوضة، غير أن هناك حالة المقايضة مع زيادة مبلغ نقدي للطرف الذي حصل التبادل معه، وهكذا إذا كان الفارق المالي في عقد المقايضة أقل من الثمن الأساسي فالعقد معاوضة، و إذا كان الفارق المالي في عقد المعاوضة يفوق قيمة البدل فالعقد بيع.
3- البيع و الهبة:
في البيع يتم نقل الملكية في مقابل نقدي بخلاف الهبة فنقل الملكية فيها يتم بدون مقابل، حيث أن عقد الهبة من العقود التبرعية.
4- البيع والمقاولة:
لا وجه للاتفاق بين العقدين، فالبيع يرد على الملكية، بينما المقاولة ترد على العمل المادي. لكن يقع الخلط بينهما في حالة التزام المقاول بأن يقدم المادة والعمل للطرف الأخر، فهل يكون هذا العقد عقد بيع أم عقد مقاولة؟
المعيار للتفريق بينهما هو تحديد العنصر الغالب، فإذا كانت المادة هي العنصر الغالب فالعقد عقد بيع، وإن كانت المقاولة هي العنصر الغالب فالعقد عقد مقاولة.
5- البيع والوكالة:
البيع من العقود الناقلة للملكية، والوكالة من العقود التي ترد على العمل، وبالتحديد العمل القانوني.

الفصل الثالث: خصائص عقد البيع:
1- عقد رضائي:
يكفيلانعقاد عقد البيع التقاء الإيجاب والقبول، دون الحاجة لإفراغ هذا التراضي في شكل معين. حيث نص الفصل 488 من ق.ل.ع على انه: “يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه، أحدهما بالبيع والآخر بالشراء، وباتفاقهما على المبيع والثمن والشروط الأخرى”.
على أن المشرع المغربي قد تطلب احترام بعض الشكليات في بعض أنواع البيوع كتلك الواردة على العقار أوالحقوق العينية العقارية أو الأشياء المرهونة رهنا رسميا، حيث اشترط كتابة هذه العقود في محررات ثابتة التاريخ، ولا يكون لها آثر قانوني في مواجهة الغير إلا إذا أفرغت في الشكل المحدد بمقتضى القانون، وذلك حسب ما جاء به الفصل 489 من ق.ل.ع
2- عقد ملزم للجانبين:
فالبائع يلتزم بنقل ملكية المبيع للمشتري، وضمان سلامة هذا الانتقال من العيوب والتعرضات التي تؤثر على الغاية المقصودة من إبرام عقد البيع، أما المشتري فيلتزم بأداء الثمن وفق الطريقة المتفق عليها، كما يتسلم المبيع في الوقت المناسب.
3- عقد ناقل للملكية:
هي أهم خاصية لعقد البيع فهو عقد ينقل الملكية مباشرة للمشتري دون الحاجة للتقيد بأي إجراء آخر شكلي ما عدا في الحالات الاستثنائية التي يتطلب فيها القانون سلوك إشهار أو كتابة رسمية كالحالة المنصوص عليها في الفصل 489 من ق.ل.ع
4- من العقود الرضائية كأصل عام:
ينعقد البيع حسب الفصل 488 من ق.ل.ع بمجرد تراضي عاقديه أحدهما بالبيع والآخر بالشراء وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى.
على أن المشرع المغربي قد تطلب احترام بعض الشكليات في بعض أنواع البيوع كتلك الواردة في الفصل 489 من ق.ل.ع
5- عقد البيع عقد معاوضة:
فطبقا للفصل 487 من ق.ل.ع يأخذ البائع عوضا عن المبيع، وهو الثمن الذي يلتزم المشتري أن يدفعه له في المكان والتاريخ المتفق عليهما، فكل طرف في العقد ملتزم اتجاه الطرق الآخر بالقيام بعمل.
الفصل الرابع: أركان عقد البيع:
المبحث الأول: التراضي على البيع:
البيع عقد رضائي يقوم على توافق الإرادتين على عناصره الجوهرية وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية، وذلك حسب منطوق الفصل 19 من ق.ل.ع
نفس المنحى جاء في الفصل 488 من ق.ل.ع : “يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه أحدهما بالبيع والآخر بالشراء وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى”
وحتى يكون الرضا صحيحا، لابد أن يكون الطرفين مكتملا الأهلية، وأن تكون إرادتهما خالية من أي عيب يفسد عملية التعاقد.
ومن الأمور التي يجب حصول الرضا عليها:
المطلب الأول: الأمور أو المسائل الرئيسية:
الفقرة الأولى: طبيعة أو نوع العقد:
فلابد أن تتلاقى الإرادتان على طبيعة العقد، فلو قال شخص لآخر: أبيعك عقاري بألف درهم، فأخذه الأخر على أنه هبة، فلا يقوم عقد البيع.
الفقرة الثانية:الشيء أو الحق المبيع:
وهو المحل الذي يرد عليه البيع، فلو قال شخص لأخر: أبيعك منزلي بفاس، فيقول الآخر: قبلت شراء منزلك بمراكش، فهنا لا ينعقد البيع.
الفقرة الثالثة: الثمن:
فإذا خلا عقد البيع من الثمن فلا يقوم هذا العقد.
المطلب الثاني: الأمور أو المسائل الثانوية:
وهي مكان وزمان التسليم، طريقة الوفاء بالثمن، تحمل مصروفات العقد، وتحمل مصروفات التسليم أو التسلم، فهذه المسائل التفصيلية لا توثر على قيام العقد؛ لأنه يتكفل بتحديدها إما الاتفاق أو قواعد القانون المكملة أو العرف أو قواعد العدالة.
المبحث الثاني: الشيء المبيع:
ويشترط في المبيع أن يكون موجودا أو مستقبلا، معينا أو قابلا للتعيين، وأن يكون قابلا للتعامل فيه.
المطلب الأول: أن يكون المبيع موجودا أو قابلا للوجود:
لا يمكن أن ينعقد البيع إلا إذا كان المبيع موجودا أو قابلا للوجود في المستقبل. فإذا كان المبيع معدوما أو وهميا، فلا ينعقد العقد، ونفس الحكم يسري في حال وجود المبيع إلا أنه يتعذر تسليمه. وقد يوجد المبيع أثناء التفاوض على البيع، إلا أنه يهلك أو يضيع من صاحبه عند إبرام البيع النهائي، حيث تسري هنا أحكام المبيع غير الموجود أصلا، أي بطلان البيع، إلا أن البطلان يقتصر على الأوضاع التي يكون فيها الهلاك أو الضياع قد حصلا قبل إبرام العقد، أما إذا حصلا بعد الإبرام، فإن الحكم هو القابلية للفسخ وليس البطلان.
ولا يعني شرط وجود المبيع، لزوما إحضاره في مجلس العقد، حيث يكتفي بذكر المواصفات المميزة من طرف المشتري.
ويمكن أن يكون محل البيع أشياء مستقبلية إذا كانت قابلة للوجود في فترة معينة ومعقولة، وقد أجاز المشرع المغربي هذا النوع من البيوع في الفصل 61 من ق.ل.ع
المطلب الثاني: أن يكون المبيع معينا أو قابلا للتعيين:
لأن المبيع يشكل محل التزام البائع، فلا يجوز أن يكون مجهولا، لأن جهالة المبيع بمثابة البيع المعدوم، لذلك وجب تحديده بدقة.
الفقرة الأولى: شرط التعيينفي بيع الشيء القيمي:
إن الشيء القيمي هو الذي ليس له مقابل في السوق، كالقطع الأرضية أو اللوحات الفنية، حيث يلزم أن يحدد المتعاقدان مواصفاته بدقة، كالحدود والمساحة الإجمالية للبقعة الأرضية.
الفقرة الثانية: شرط التعيين في بيع الأشياء المثلية:
يمكن تحديد الأشياء المثلية بالنوع أو الوزن أو المقياس أو العدد أو الصنف.
الفقرة الثالثة: شرط التعيين في البيع الجزافي:
عرف المشرع المغربي البيع الجزافي في الفصل 490/2 من ق.ل.ع: “البيع الجزافي هو الذي يرد بثمن واحد على جملة أشياء، دون أن يعتبر عددها أو وزنها أو قياسها إلا لأجل تعيين ثمن المجموع”. حيث يتم تعيين المبيع بطريقة إجمالية في شكل صفقة غير قابلة للتجزئة، ومثاله الاتفاق على شراء غلة أو محصول زراعي بثمن إجمالي، ويكتفي بتعيين جنس المبيع ونطاقه.
وقد يرد البيع الجزافي على الأشياء المثلية أو القيمية أو هما معا.

المطلب الثالث: أن يكون المبيع من الأشياء الجائز التعامل بها:
يعتبر البيع تاما إذا ما انصب على أشياء تدخل في دائرة الأموال التي يجوز التعامل فيها، وذلك مالم يوجد نص قانوني يقضي بغير ذلك.
وهكذا يحظر التعامل في الأشياء التي يكون محلها مستحيلا بطبيعته أو بحكم القانون وكذلك يبطل الالتزام المرتبط بها، كبيع الشمس أو الهواء.
ويمنع أيضا بيع الأشياء المعتبرة من النجاسات وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية كالخمر والخنزير.
ويلزم التأكيد على أن عدم الصلاحية للتعامل يرجع إلى عدم المشروعية المقررة إما بمقتضى القانون أو لمخالفة النظام العام والآداب، والتحريم يكون لعلة تحقيق المصلحة العامة، أما إذا اقتصر الأمر على مصلحة خاصة، فإن المنع لايكون مطلقا، بل يظل مصيره بيد من له الحق فيه، من ذلك ما قرره المشرع المغربي في:
الفقرة الأولى: بيع ملك الغير:
يشترط في البائع أن يكون مالكا للشيء المبيع، رغم أن المشرع المغربي أجاز أن يبيع البائع ملك غيره في الفصل 485 من ق.ل.ع: ” يقع بيع ملك الغير صحيحا:
-إذا أقره المالك؛
– إذا كسب البائع فيما بعد ملكية الشيء المبيع.
وإذا رفض المالك الإقرار، كان للمشتري أن يطلب فسخ البيع، وزيادة على ذلك يلتزم البائع بالتعويض إذا كان المشتري يجهل عند البيع أن الشيء مملوك للغير.
ولا يجوز إطلاقا للبائع أن يتمسك ببطلان البيع بحجة أن الشيء مملوك للغير.”
الفقرة الثانية: بيع المريض مرض موته:
ينص الفصل 479 من ق.ل.ع على أن: “البيع المعقود من مريض في مرض موته تطبق عليه أحكام الفصل 344 إذا جرى لأحد ورثته قصد محاباته، كما إذا بيع له شيء بثمن يقل بكثير عن قيمته الحقيقية أو اشترى منه شيئا بثمن يجاوز قيمته “.
أما البيع المعقود من المريض مرض موته لغير وارث، فتطبق عليه أحكام الفصل 345 من ق.ل.ع
أولا: البيع المعقود من المريض مرض موته لأحد ورثته:
يأخذ هذا البيع حكم الإبراء المعقود من مريض مرض موته بشروط وهي:
– أن يقصد من هذا البيع محاباة الوارث وتفضيله على باقي الورثة، وأن يقل ثمن بيع المبيع عن قيمته الحقيقية؛
-أن يتولى إقرار هذا البيع من قبل الورثة، أي أن يرتضوه في حقهم.
ثانيا: البيع المعقود من مريض مرض موته لشخص أجنبي عن الورثة:
إذا وقع البيع لشخص أجنبي عن الورثة، فالحكم الذي يسري عليه هو حكم الإبراء الحاصل لغير الورثة، وهذا الإبراء يكون صحيحا في حدود ثلث ما تبقى من تركة المورث بعد سداد ديونه ومصرفات جنازته، فإن كان الفارق بين الثمن وقيمة الشيء الحقيقية يزيد عن ثلث التركة، فإنه يكون نافذا في حدود الثلث لاغير، وعلى المشتري أن يرد ما زاد عن الثلث.
المبحث الثالث: الثمن:
الثمن عنصر أساسي في عقد البيع، تثار حوله إشكالات قانونية من حيث وجوده وتحديده و وجديته.
المطلب الأول: يجب أن يكون الثمن مبلغا من النقود:
المتعارف عليه قانونا هو أن الثمن يكون نقدا أي مبلغا من النقود، فلو كان العقد بضاعة مقابل أخرى لكان العقد عندئذ معاوضة، لكن لو كان الثمن محددا في مبلغ نقدي وكان الدفع بالسلع أو البضائع فالعقد يكون بيعا، وقد يكون بعض الثمن من النقود والبعض الآخر مالا غير نقدي عندئذ ينظر إلى العنصر الغالب فيه.
المطلب الثاني: جدية الثمن:
يكون الثمن مستحقا فعلا في حالة ما إذا كان متناسبا مع قيمة المبيع حسب السعر المتداول في السوق، بحيث لا يكون تافها أو بخسا، وأن يكون حقيقيا. وإذا اتفق المتعاقدان على أن الثمن المذكور لن يكون واجب الأداء فإن العقد ليس بيعا بل هبة لتخلف شرط شكلي هو شرط الثمن.
المطلب الثالث: قابلية الثمن للتحديد:
ينص الفصل 487 من ق.ل.ع على أنه: “يجب أن يكون الثمن الذي ينعقد عليه البيع معينا، ولا يسوغ أن يعهد بتعيينه إلى أحد من الغير، كما أنه لا يسوغ أن يقع الشراء بالثمن الذي اشترى به الغير ما لم يكن الثمن معروفا من المتعاقدين”، ومع ذلك يجوز الركون إلى الثمن المحدد في قائمة أسعار السوق، فيفترض في المتعاقدين أنهما ركنا إلى متوسط الأسعار الذي تجري به الصفقات. فإذا لم يعين المتعاقدان مقدار الثمن، فإن العقد لا يكون بيعا.
الفصل الخامس: آثار البيع:
يعتبر عقد البيع من العقود الملزمة للجانبين، فهو يرتب التزامات معينة على عاتق البائع، تقابلها التزامات أخرى تقع على عاتق المشتري والتي يتعين على كلا الطرفين احترامها.
المبحث الأول: التزامات البائع
المطلب الأول: الالتزام بنقل الملكية:
ينص الفصل 491 من ق.ل.ع على أنه: “يكسب المشتري بقوة القانون ملكية الشيء المبيع بمجرد تمام العقد بتراضي طرفيه”.
يستفاد من هذا النص أن المشرع المغربي يؤكد على خاصية نقل الملكية التي يتميز بها عقد البيع، فملكية الشيء المبيع تنتقل إلى المشتري بمجرد إبرام البيع، حيث يصبح مالكا له بقوة القانون.
ويختلف نقل الملكية باختلاف طبيعة المبيع:
الفقرة الأولى: نقل الملكية في المبيع المعين بالنوع:
المبيع المعين بالنوع هو المعروف بين الناس بالعد والكيل والوزن والقياس، ويتم نقل الملكية في هذا النوع بالإفراز، ويتم الإفراز بالطريقة التي تتفق مع طبيعة المبيع (فالحبوب بالكيل، والقماش بالقياس). وتنتقل الملكية بمجرد الإفراز، حتى لو لم يتسلم المشتري الشيء المبيع. والبائع هو الملتزم بنقل الملكية، وبالتالي هو الملتزم بالإفراز، ويكون ذلك على نفقته الخاصة، ما لم يتفق على خلاف ذلك.
الفقرة الثانية: نقل الملكية في المبيع المعين بالذات:
المبيع المعين بالذات هو الذي يحمل في ذاته عناصر تميزه عن الغير. وتنتقل الملكية في المبيع المعين بذاته بقوة القانون فور التعاقد وبتوافر شرطين:
– أن يكون المبيع معينا بذاته، لأن الملكية لا ترد إلا على شيء معين بالذات؛
– أن يكون المبيع مملوكا للبائع.
واستثناء على هذه القاعدة:
– المبيع غير الموجود وقت البيع؛
– الاتفاق على تأجيل نقل الملكية.
ويستفاد من الفصل 489 من ق.ل.ع أن القانون يعلق نقل ملكية العقار أو الحقوق العقارية أو الأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا على احترام الشروط الشكلية وهي الكتابة ثم التسجيل.
إضافة إلى ما سبق يمكن اعتبار اتفاق المتعاقدين على تأجيل انتقال الملكية بمثابة استثناء من القاعدة العامة، وذلك إما بسبب عدم توفر المشتري على الثمن كاملا، أو أن الاتفاق يكون قد تم على كيفية السداد بأقساط إلى حين سداد كل الثمن.
وعموما فإن هذه الاستثناءات لا تمنع بمجرد تراضي الطرفين من ترتيب انتقال الملكية وإلى جانبه آثار فرعية أخرى تتمثل في:
1- بمجرد تمام عقد البيع يجوز للمشتري أن يقوم بتفويت المبيع حتى قبل أن يحصل عليه بتسليمه له من طرف البائع.
2- يمكن للبائع أن يحيل الثمن – ولو لم يتسلمه بعد من طرف المشتري – على شخص آخر، ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف ذلك، أو كان المبيع عبارة عن مواد غذائية منع القانون الإحالة فيها بين المسلمين.
3-انعقاد البيع يعطي للمشتري الحق في التصرف في الشيء ولو قبل تسلمه، وهذا يرتب تحمل المشتري لمصاريف حفظ وصيانة المبيع وجني ثماره، وكذلك تحمله للضرائب المفروضة عليه، إضافة إلى تحمله تبعة هلاك المبيع قبل التسليم، وغيرها من الأعباء والتحملات ما لم يشترط غير ذلك. ويستثنى من ذلك إذا كان المبيع مما يقاس أو يتم قياسه بالكيل أو العدد، او أن البيع يكون على شرط التجربة أو على شرط المذاق، أو على أساس مجرد الوصف، حيث يظل البائع متحملا لتبعة هلاك المبيع ما دام لم يتم قياسه أو عده أو تجربته أو مذاقه أو فحصه، ولم تتم الموافقة عليه من طرف المشتري أو من ينوب عنه، وإن كان المبيع بحوزة المشتري.
ينضاف إلى ذلك حالة هلاك المبيع وهو ما زال في حوزة البائع، حيث يتحمل هذا الأخير تبعة هلاك المبيع إلى أن يتسلمه المشتري. ثم حالة بيع الثمار على الأشجار ومنتجات البساتين والمحصولات قبل جنيها، حيث يتحمل البائع هلاك المبيع إلى تمام نضجه ولو قبل حصول التسليم ما لم يتفق على خلافه.
المطلب الثاني: الالتزام بتسليم المبيع:
بناء على مقتضيات الفصل 499 من ق.ل.ع، فإن البائع ملزم بالتخلي عن المبيع ورفع يده عنه لحساب المشتري حتى يتمكن من حيازته حيازة هادئة، بل إن مجرد إعلام البائع المشتري بأن المبيع تحت تصرفه يعني أن التسليم قد تم.

الفقرة الأولى: طرق التسليم:
يجب على البائع تسليم العين المبيعة:
– إذا كان المبيع شيئا معينا بالذات، وجب تسليمه بذاته ولا يصح للبائع أن يستعيض عنه بشيء آخر إلا إذا ارتضاه المشتري.
– إذا كان المبيع شيئا معينا بنوعه، وجب على البائع أن يسلم شيئا من نفس النوع وبنفس المقدار ومن نفس الصنف، فإن لم يكن الصنف محددا فيجب تسليم المبيع من صنف متوسط.
التسليم إما أنه مادي فعلي، أو تسليم حكمي.
أولا:التسليم الفعلي:
يكون التسليم فعليا حسب الفصل 499 من ق.ل.ع، بوضع المبيع تحت يد وتصرف المشتري الذي يتمكن من حيازته والانتفاع به دون مشاكل، وإعلامه أن المبيع قد وضع تحت تصرفه بأية طريقة كانت كتابيا أو شفويا أو أية وسيلة أخرى يستفاد منها أن التسليم قد تم.
وتختلف طرق التسليم الفعلي بدوره باختلاف ما لو تعلق الأمر بعقار أو بمنقول أو بمجرد حق من الحقوق المجردة.
– فتسليم العقارات يتم بتخليتها أو إخلائها من طرف البائع.
– أما بالنسبة لتسليم المنقولات، فإنه يتم عن طريق المناولة أي من يد إلى يد، كما قد يتم عن طريق تسليم مفاتيح الدار أو مفاتيح المخزن أو أي مكان آخر يوجد به هذا المنقول.
– وإذا كان المبيع عبارة عن حق مجرد كحق المرور مثلا، فإن تسليمه يتم عن طريق وضعه تحت تصرف المشتري وذلك بتسليم السندات التي تثبت وجوده، أو بالسماح للمشتري باستعماله مع وضع يده بدون أية عوائق إذا كان استعماله هذا الحق يقتضي حيازة شيء معين.
ثانيا: التسليم الحكمي:
وهو التسليم الذي يتم بمجرد اتفاق بين البائع والمشتري يتم بمقتضاه تسليم المبيع، وليس تسليما ماديا يتمثل في المناولة اليدوية أو إخلاء العقار.
والتسليم الحكمي يكون في حالة ما إذا كان المبيع في حيازة المشتري، وذلك قبل أن يتم البيع، بأن كان مكتريا له أو مرهونا عنده أو مستعيرا له، ثم يقع البيع فيصبح عندئذ المشتري حائزا للمبيع حيازة مادية.
كما يكون التسليم حكميا، وذلك في حالة بقاء المبيع في حيازة البائع عند البيع، ولكن ليس كمالك له وإنما كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده.
الفقرة الثانية: مكان وزمان التسليم:
مكان التسليم هو المكان الذي يوجد به الشيء المبيع عند البيع، إلا استثناء وذلك عند اتفاق البائع والمشتري على مكان غير المكان الذي يوجد به الشيء المبيع.
أما بالنسبة لزمان التسليم، فيتم التسليم وفقا للفصل 504 من ق.ل.ع، مباشرة بعد اتفاق المتعاقدين على كل المقتضيات والشروط اللازمة لتمام البيع.
على أن الأمر يختلف متى كانت طبيعة الشيء المبيع تقتضي وقتا من الزمن لتسليمه كما لو كانت بضائع أو سلع يتطلب صنعها مدة من الزمن حيث يجب أن يكون وقت التسليم هو وقت انتهاء الصنع.
ومثاله بيع العقار في طور الإنجاز، الذي عرفه المشرع المغربي في الفصل 618/1 من قانون الالتزامات والعقود: “يعتبر العقار في طور الإنجاز كل اتفاق يلتزم بمقتضاه البائع بإنجاز عقار داخل أجل محدد، كما يلتزم فيه المشترك بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال”.حيث أنه لا يقع التسليم إلا بعد انتهاء الأشغال والقيام بتحرير عقد بيع نهائي في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ، يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.
وكذلك إذا استقر العرف على ألا يكون التسليم فورا، على أن الأمر يختلف إذا ما اتفق المتعاقدين على غير ذلك ما دام أن المقتضيات ليست من النظام العام.
الفقرة الثالثة: نفقات التسليم:
اعتبارا لكون تسليم المبيع التزام في ذمة البائع ويقابله التزام المشتري بتسليم الثمن، فإن مصروفات التسليم تكون على البائع ومصروفات التسلم تكون على المشتري، ومثال تلك المصروفات التوثيق والتسجيل والتمبروالتغليف والنقل؛ على أن هاته المقتضيات ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على مخالفتها.
الفقرة الرابعة: ملحقات المبيع عند التسليم:
التزام البائع بالتسليم يشمل إضافة إلى الشيء المبيع توابعه أو ملحقاته، حيث أن التسليم لا يقتصر على المبيع فحسب، بل يشمل أيضا ثماره ومنتجاته وزوائده سواء كانت طبيعية أو معدنية ما لم يوجد اتفاق بين المتعاقدين يقضي بخلاف ذلك. ويلتزم البائع بالمحافظة على المبيع وعلى توابعه إلى حين وقت التسليم، فإذا هلك أو أصابه تلف بسبب خطأ البائع فإنه يتحمل تبعة هلاكه.
وبناء على ما سبق، فالبائع ملزم بتسليم الشيء المبيع على النحو الذي قدمناه، وإذا ما أخل أو خالف هذه المقتضيات يسأل إما بفسخ العقد أو إنقاص الثمن، ويلزم على المشتري رفع الدعوى خلال سنة من تاريخ العقد أو من تاريخ تسليم المبيع.
الفقرة الخامسة: ضمان حق البائع في الحصول على الثمن:
إن امتناع البائع على تسليم الشيء المبيع، أو تسليمه في غير المكان المتفق عليه، أو الزمان المحدد له – كأن يتأخر في تسليمه – أو تسليمه للمبيع في غير الحالة التي كان عليها عند الاتفاق، يعطي للمشتري الحق في إجبار البائع على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. كما يمكن للمشتري أيضا أن يطالب بفسخ عقد البيع مادام أن البائع لم يوف بالالتزامات الملقاة على عاتقه، أو أن يمتنع عن تنفيذ التزامه بأداء الثمن إلى حين تسلم المبيع.
وإذا كان المشرع قد مكن المشتري من هذه الوسائل القانونية لضمان حقه في الحصول على المبيع، فإنه بالمقابل، وفقا لما جاء به الفصل 505 من ق.ل.ع، أعطى الحق للبائع في حبس الشيء المبيع وعدم تسليمه للمشتري إلى حين حصوله على الثمن، شريطة أن يكون البيع قد انعقد على عدة أشياء مرة واحدة.
المطلب الثالث: الالتزام بضمان التعرض والاستحقاق:
يقتضي التزام البائع بنقل ملكية الشيء المبيع – كما سبقت الإشارة إلى ذلك – نقل حيازة هذا المبيع حيازة هادئة تمكن المشتري من الانتفاع به دون مشاكل، أي خالية من أي تعرض سواء من طرف البائع نفسه أو من طرف الغير.
الفقرة الأولى: ضمان التعرض الشخصي الصادر عن البائع:
أولا:التعرض المادي:
التعرض المادي هو حرمان المشتري من الانتفاع بالمبيع دون الاستناد إلى حق يدعيه وإنما إلى القوة والبطش.
لقيام ضمان تعرض البائع يجب أن يصدر من هذا الأخير عمل من شأنه أن يحول دون انتفاع المشتري بالمبيع كليا أو جزئيا، وعليه، فإن ضمان التعرض لا يقوم إلا إذا كان هنالك تعرض فعلا، بأن يمتنع البائع عن تسليم المبيع دون مبرر، أو أن يهدد المشتري بأنه سيحرمه من بعض أو كل المزايا التي له الحق في الحصول عليها.
أما إذا لم يتحقق هذا التعرض فعلا، بأن كان مجرد احتمال، مثال ذلك أن يخبر البائع المشتري بأنه سيمنعه من الانتفاع بالمبيع، أو سينقص من مزاياه ولا ينفد هذه التهديدات، فالأمر لا يتعلق بتعرض يقتضي الاحتجاج على البائع بضمانه.
وهكذا يكون التعرض ماديا عندما يمنع البائع المشتري من الانتفاع بالمبيع، وذلك بقيامه بأعمال مادية، ومثال ذلك، أن ينافس البائع المشتري بفتحه لمحل تجاري مجاور للمحل التجاري الذي باعه له ومن نفس النوع، وفي هذا منافسة غير مشروعة، وهو عمل يمنع المشتري من التمتع بمزايا هذا المحل.
ثانيا:التعرض القانوني:
التعرض القانوني يقصد به الفعل الذي يستند إلى ادعاء حق ما يتعارض مع حق المشتري.
حيث يمكن أن يقوم التعرض المادي بقيام البائع بتصرفات قانونية تتمثل في بيعه لنفس العقار مرة ثانية لمشتري ثاني، أو بادعائه حقا لنفسه على المبيع، كأن يبيع شخص عقارا لا يملكه ثم تؤول إليه ملكيته بالشراء أو الوصية أو أي سبب آخر فيقوم هو بمطالبة المشتري بالاستحقاق، فمثل هذا الإدعاء باطل.
التعرض المبني على الاستحقاق يكون عندما يدعي الغير ملكية الشيء المبيع ويرفع دعوى الاستحقاق على المشتري، وبالتالي في حالة استحقاق الغير للشيء المبيع، يرجع المشتري على البائع لضمان الاستحقاق ويرفع عليه دعــوى ضمان الاستحقاق.
ولقد أكدت الفقرة الأولى من الفصل 535 من ق.ل.ع على أن:
“استحقاق جزء معين من المبيع كاستحقاقه كله، إذا بلغ هذا الجزء بالنسبة إلى الباقي من الأهمية بحيث أن المشتري ما كان ليشتري بدون ذلك الجزء.”

إلا أنه يشترط أن يقوم المشتري بإعلام البائع بدعوى الاستحقاق المرفوعة ضده على الشيء المبيع، بحيث إذا لم يقم بذلك رغم تنبيه المحكمة له بأنه عند استمراره في الدعوى بمفرده دون اللجوء إلى البائع فإن حقه في الرجوع على هذا الأخير يضيع.
الفقرة الثانية: ضمان البائع لتعرض الغير:
أولا: الأصل هو الضمان:
البائع يضمن التعرض المادي سواء أكان منه شخصيا أو كان واقعا من أحد ممن هم تحت رقابته. كما يضمن التعرض القانوني الصادر منه، إلا أنه لا يضمن التعرض القانوني الصادر من الغير إلا بالشروط التالية:
– أن يكون التعرض تعرضا قانونيا؛
-أن يكون التعرض سابقا على البيع أو تاليا له، ولكن بسبب يرجع إلى البائع؛
-أن يكون التعرض واقعا فعلا وحالا وليس وشيك الوقوع أو محتملا.
ثانيا:الاستثناء عدم الضمان:
يعفى البائع من الضمان ولا يلتزم بذلك:
– إذا أخطر المشتري بوجود حق ارتفاق خفي على المبيع؛
– إذا كان الحق ظاهرا أو توجد علامات ظاهرة تدل على وجوده.
وعموما فإن الاستحقاق لا يقوم إلا في حالات معينة حددها المشرع في الفصل 534/2 من ق.ل.ع:
“يكون الاستحقاق واقعا ضد المشتري في الحالات التالية:
1- إذا حرم المشتري من حوز الشيء كله أو بعضه؛
2- إذا كان المبيع في حوز الغير ولم يتمكن المشتري من استرداده منه؛
3- إذا اضطر المشتري لتحمل خسارة من أجل افتكاك المبيع.”
الفقرة الثالثة:الآثار القانونية للتعرض والاستحقاق:
من خلال ما سبق يمكننا القول بأن للمشتري الحق في الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق وذلك بإعلامه بالدعوى المرفوعة ضده لمطالبته بالوقوف إلى جانبه للدفاع عن حقه في المبيع الذي اشتراه منه. فإذا نجح البائع في رد تعرض الغير فإنه يكون قد وفى بالتزامه بضمان التعرض والاستحقاق الملقى على عاتقه من جراء إبرام البيع، أما إذا لم ينجح في ذلك وجب عليه ضمان حق المشتري وتعويضه عما أصابه من ضياع للشيء المبيع كله أو جزء منه. وعندئذ يحق للمشتري مطالبة البائع بما يلي:
أولا: في الاستحقاق الكلي:بالثمن ومصروفات العقد، بالمصروفات القضائية التي أنفقها على دعوى الضمان، وبالخسائر المترتبة مباشرة عن الاستحقاق، وذلك طبقا لما جاء به الفصل 538 من ق.ل.ع
ويقتضي الفصل 541 من ق.ل.ع أن يتحمل البائع المدلس، بزيادة قيمة المبيع، دخول هذه القيمة ضمن مبلغ التعويض.
ثانيا: في الاستحقاق الجزئي: يكون للمشتري خيار بين فسخ البيع واسترداد كل الثمن، لكن إذا لم يبلغ الاستحقاق الجزئي من الأهمية الحد الكافي لتبرير الفسخ يبقى للمشتري الحق في إنقاص الثمن بالقدر المستحق.
ثالثا: الضمان والتبعة:للبائع إعفاء نفسه من الضمان كشرط يضعه في العقد، لكن لا يعفى إلا من التعويض، أما رد الثمن ونفقات العقد فتبقى على ذمته، وذلك طبقا لما جاء به الفصل 540 من ق.ل.ع
غير أن البائع يلزمه الضمان والتعويض في آن واحد إذا تأسس الاستحقاق على فعله الشخصي أو على قيامه بالتدليس كأن يعرف سبب الاستحقاق ولم يصرح به، وذلك طبقا لما جاء به الفصل 544 من ق.ل.ع
لكن إذا كان المشتري عالما بالاستحقاق فإن البائع يعفى من التعويض، ولا يتحمل إلا تبعة الاستحقاق دون الضمان وهي أن يرد الثمن أو يتحمل إنقاصه، وذلك طبقا لما جاء به الفصل 545 من ق.ل.ع
رابعا: إعفاء البائع من الضمان:يكمن إعفاء البائع من الضمان في حالات حصرية ذكرت في الفصل546من ق.ل.ع:
“لا يلتزم البائع بأي ضمان أصلا:
– إذا وقع انتزاع المبيع بالإكراه أو نتيجة قوة قاهرة؛
– إذا حصل الانتزاع بفعل السلطة، ما لم يكن فعلها مبنيا على حق سابق ثابت لها يخولها العمل على احترامه، أو على فعل يعزى للبائع؛
– إذا حصل للمشتري عرقلة في التصرف، نتيجة تعد من الغير، بدون أن يدعي أي حق على العين المبيعة.”
ولا يتحمل البائع الضمان ولا يسأل عنه، أيضا، إذا تسبب المشتري بخطأ منه في حصول الاستحقاق، في ما إذا ترك مدة التقادم الباديء قبل البيع تتم ضده، أو كما إذا تسبب في الاستحقاق بفعله الشخصي، وذلك وفق الفصل 545 من ق.ل.ع
المطلب الرابع: ضمان عيوب الشيء المبيع:
الأصل أن البائع ملزم ليس فقط بنقل ملكية الشيء المبيع، بل أيضا بتمكينه من حيازته حيازة هادئة ومفيدة تمكنه من الاستفادة منه، وتستجيب للأغراض التي أعد لها، وأيضا الأهداف التي كانت دافعا وراء شراءه. وهكذا فظهور عيب خفي ومؤثر في هذا المبيع، من شأنه أن يعيق استعماله، أو أن يجعله غير صالح للاستعمال، مما يجعل البائع هنا مخلا بالتزامه بضمان انتفاع المشتري بالمبيع، ويعطي لهذا الأخير الحق في رفع دعوى ضمان العيوب الخفية.
الفقرة الأولى: شروط العيوب الموجبة للضمان:
يشترط المشرع في العيب لكي يكون موجبا للضمان، الشروط التالية:
الشرط الأول: أن يكون العيب قديما:
العيب القديم حسب مقتضيات الفصل 552 من ق.ل.ع، هو العيب الذي يكون موجودا بالمبيع عند البيع متى كان المبيع معينا بالذات، أو موجودا بالمبيع في وقت التسليم إذا كان المبيع غير معين بالذات. فمتى اتضح أن تاريخ وجود العيب بالمبيع كان قبل انتقال الملكية عد من العيوب الواجب على البائع ضمانها، أما إذا اتضح أن العيب أصاب المبيع بعد انتقال الملكية، فلا يعد عيبا واجب الضمان، وإنما يظل غير مضمون ويتحمله المشتري وليس البائع.
الشرط الثاني: أن يكون العيب مؤثرا:
العيب المؤثر والموجب للضمان، هو العيب الذي ينقص من قيمة المبيع نقصا محسوسا، أو يجعله غير صالح للاستعمال بحسب الغرض الذي أعد له.
وعكس العيب المؤثر، هنالك العيب الذي لا يؤثر في المبيع، أي العيب الموجود لكنه لا ينقص من قيمة المبيع ولا من إمكانية وصلاحية استعماله نقصانا كبيرا، بل يكون نقصانا يسيرا. فهدا البيع لا يخول المشتري مطالبة البائع بضمانه، وهو ما أكدته الفقرة الأولى من الفصل 549 من ق.ل.ع
على أنه لا يلزم أن تكون الصفات والمنافع التي يتميز بها المبيع هي الصفات والمنافع المألوفة عادة بالنسبة لهذا المبيع، لكن يمكن للمشتري أن يشترط على البائع منافع ومزايا أخرى يلتزم هذا الأخير بتحقيقها للمشتري، وعدم توفر هذه الصفات في المبيع عند التسليم يعتبر عيبا مؤثرا ويعطي للمشتري الحق في طلب الضمان، وهذا ما أكدته الفقرة الثانية من الفصل 594 من ق.ل.ع
إضافة إلى ما سبق، فإن الفصل 549 من ق.ل.ع يقضي بعدم ضمان البائع العيوب التي جرى العرف على التسامح فيها، فقد يكون العيب مؤثرا في المبيع لكن العرف لا يعتبره كذلك وهو بهذا لا يعد عيبا موجبا للضمان، غير أنه إذا كان العرف المحلي يلزم البائع بضمان العيب الخفي وجب العمل بمقتضياته لأنه أخص من العرف العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock