المهرجانات …تنمية أم احتفالية أم هدر للمال العام؟
بقلم عادل بن الحبيب
تعددت وتلونت المهرجانات بأشكال ومسميات كثيرة بل ولا يخلو يوم الا وهناك مهرجان ما في السينما والدراما والمسرح والشعر والموسيقى وغيرها، وهذا واقع ينم عن الثراء في الثقافة والفنون والاداب، لكننا لم نر تاثيرا لهذه المهرجانات على واقعنا بشكل ملموس. حيث ان أغلب المهرجانات اليوم استهلاكية، وليس لها تأثير ودفعة مهمة في تنمية الذوق الفني للمواطنين كما أنها لا تلعب دورا أو تشكل قاطرة تقود الثقافة بالمغرب.
الاكيد ان المهرجانات تساهم في خلق نوع من الدينامية الفنية والثقافية ، إضافة إلى تقريب الفرجة للجمهور، وتنظيم الكثير من الأنشطة الموازية ذات المرامي الاجتماعية مثل زيارة دور الأيتام والعجزة والمستشفيات والمؤسسات التربوية والاجتماعية وغيرها، وإشراك ذوي الاحتياجات الخاصة دعما وتشجيعا لهم. هذا دون نسيان الدور الاقتصادي، حيث يتحول كل مهرجان إلى مناسبة للرواج التجاري، وتحسين الدخل للكثير من الأسر التي تعمل مثلا في المجال السياحي والصناعة التقليدية وغيرها من المهن والحرف التي تندرج في إطار ما يسمى بالاقتصاد الاجتماعي.
لكن للأسف الشديد ، الاحترافية وقوة التأثير في المحيط وتحقق البعد التنموي يشكل الاستثناء وليس القاعدة في خريطة المهرجانات بالبلاد. حيث ان غالبيتها تبقى لحظات احتفالية عابرة مفصولة عن سياقها الثقافي والاجتماعي وتفتقر إلى رؤية تنموية مستدامة.و يتناسى أهم بعد في هذا المجال، وهو التفاعل مع الجمهور وصناعة التغيير في صلبه، خصوصا من الفئات الشابة التي يتعين أن يكون النشاط الفني لها عامل إدماج وتثقيف وتربية وشعور بالمواطنة.
بل ان اغلبها فقد أهدافه المرسومة من أجلها، وأصبح عبارة عن لقاءات لاستدعاء الأصدقاء و الأقارب، ما أن تنتهي حتى ينتهي أثرها دون أن يكون لها أي انعكاس إيجابي، وتبقى مجرد مناسبات لهدر المال وتحقيق مكاسب شخصية لا غير، وهو ما يتنافى مع الأهداف السامية لمثل هذه التظاهرات.
من جانب اخر ، تستفيد اغلب هذه المهرجانات من الدعم العمومي . وهنا يطرح سؤال حول شفافية هذه المنح ومدى التحقق من أن الممارسات المالية وطرق صرفها سليمة و تستجيب لمبدأ الشفافية والمحاسبة. ولما لا توظيف السيولة المالية لهذ المهرجانات في مشاريع اجتماعية وتنموية ذات الاولوية ، خاصة إذا كانت المدن التي تقام فيها هذه المهرجانات تفتقد للحد الأدنى للبنيات التحتية .مدن تخلفت عن ركب التطور كباقي المدن اثر سنوات عجاف مرت عليها.مدن بلغت ذروتها من الفقر و الهشاشة و البطالة،مدن توقفت بها عجلة التنمية ،مدن تعيش في الظلام و الحفر و الازبال .
لسنا ضد المهرجانات، ولكن هناك أولويات ومشاكل اجتماعية متعددة، لابد من التفكير فيها وإيجاد الحلول الناجعة لها، علينا التفكير في هموم المواطنين وتطلعاتهم بكل مسؤولية، قبل التفكير في التسلية وهدر الأموال التي يمكن أن تسخر من أجل خدمة قضايا ذات أولوية.