مجتمع

تقرير حول تدبير واستغلال المقالع خلال سنة 2023/2022

يعتبر قطاع استغلال المقالع من بين القطاعات المهمة في الاقتصاد المغربي، حيث بلغ العدد الإجمالي للمقالع على الصعيد الوطني 2.920 مقلعا بإنتاج من مواد المقالع وصل حوالي 258 مليون طن حسب معطيات آخر سجل وطني لجرد المقالع لسنة 2020.
وقد جاء القانون رقم 27.13 لسنة 2015 المتعلق بالمقالع بعدة آليات لتجويد تدبير القطاع، والتي مكنت من تجاوز مجموعة من الصعوبات. غير أنه بسبب تعدد المتدخلين وتراكم الاختلالات على مر السنين لا تزال مجموعة من النقائص بحاجة لإيجاد حلول جذرية.
ويضيف التقرير فبخصوص حكامة القطاع، يفتقر الإطار الاستراتيجي لتدبير قطاع المقالع إلى مقاربة شمولية، في غياب استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى تدبير أمثل ومستدام للموارد وتثمين المواد المستخرجة، وتعزيز الطابع المهني لمستغلي المقالع.
ويعد وضع نظام للقيادة الاستراتيجية والسهر على هذا القطاع، من خلال إحداث هيئات على المستوى الوطني والمحلي، لاسيما اللجنة الوطنية لتتبع استغلال المقالع واللجان الإقليمية للمقالع من أهم عناصر إصلاح القطاع التي جاء بها القانون رقم 27.13 سالف الذكر. غير أنه تم تسجيل مجموعة من النقائص التي تحد من فعالية إجراءاتها كمحدودية مهمة التأطير التقني والبيئي التي تطلع بها.
أما على مستوى ضبط معطيات قطاع المقالع ، فقد مكن تحليل المعطيات المضمنة في السجلات الوطنية لجرد المقالع من الوقوف على عدة تناقضات تعود بالأساس إلى غياب تبادل المعطيات بين وزارة التجهيز والماء والأجهزة العمومية التي تشرف على تدبير الوعاء العقاري المخصص للمقالع هذه الوضعية تستوجب وضع نظام معلوماتي متكامل ومشترك بين جميع الفاعلين، يمكن من تتبع التدبير.
وفي ما يتعلق بتنزيل القانون رقم 27.13 سالف الذكر، مكن تقييم مدى تطبيقه من الوقوف على صعوبات تتعلق بشروط تطبيق بعض مقتضياته، وذلك لعدم إصدار بعض النصوص التطبيقية المتعلقة بها، كتلك الخاصة بتثمين مواد المقالع والضوابط التقنية لاستغلال المقالع المكشوفة، والإجراءات التأطيرية اللازمة لمواكبة المستغلين الصغار
قصد إدماجهم في الإطار القانوني الجديد. وبالإضافة إلى ذلك، لوحظ غياب مسطرة رسمية لتسلم أشغال تهيئة موقع المقلع، وكذا عدم تحديد بعض الإجراءات المتعلقة بتجديد دراسات التأثير على البيئة.
وفي ما يخص تدبير وتتبع ومراقبة استغلال المقالع فبالنسبة للاستثمار والولوج إلى العقار، مكن تحليل مختلف مساطر تعبئة العقار بغرض إقامة مشاريع للمقالع من تسجيل ملاحظات تتعلق بعدم تكافؤ فرص الاستثمار في هذا القطاع. وتعتبر المراكز الجهوية للاستثمار مسؤولة عن مساعدة المستثمرين في تعبئة العقار، لكنها لا تتوفر على خرائط للوعاء العقاري العمومي، وذلك بسبب عدم الولوج إلى المعلومات المتوفرة لدى الأجهزة العمومية التي تشرف على تدبير هذا الوعاء.
من جهة أخرى، تم الوقوف على عدم فعالية نظام تتبع الكميات المستخرجة، حيث تبين من خلال مقارنة كميات الرمال المصرح بها والكمية التقديرية للرمال المستهلكة (الموافقة للإنتاج الوطني من الإسمنت حسب بيانات الجمعية المهنية لشركات الإسمنت، أن المعدل السنوي لكميات الرمال غير المصرح بها يقدر بنحو 9.5 مليون متر مكعب، أي ما يعادل 79% من كميات الرمال المستهلكة. مما قد يفوت على خزينة الدولة سنويا ما يقارب 166 مليون درهم من مداخيل الرسم الخاص المفروض على الرمال، أي ما يناهز أربعة أضعاف معدل الإيرادات السنوية الفعلية لهذا الرسم الذي يبلغ 44 مليون درهم.
وفي ما يتعلق بمراقبة المقالع وإلى نهاية سنة 2022 ، لوحظ أنه من أصل 300 عون شرطة للمراقبة تقرر تعيينهم من طرف وزارة التجهيز والماء، لم يتم تعيين سوى 190 منهم، أي ما يعادل 63% من الهدف المسطر. وبالإضافة إلى ذلك، لا يتوفر هؤلاء الأعوان على الوسائل اللوجستيكية والتقنية من أجل ضبط المخالفات وبالتالي يبقى تفعيل شرطة المقالع ودورها محدودين.
وبالإضافة إلى شرطة المقالع تضطلع اللجان الإقليمية لاستغلال المقالع بمهمة المراقبة أيضا، غير أنه على الرغم من أن الزيارات الميدانية التي قامت بها هذه اللجان مكنت من تسجيل 9.349 مخالفة، خلال الفترة الممتدة من سنة 2018 إلى غاية سنة 2020، فإن الغرامات التي تم فرضها، لم تتجاوز تسع (9) غرامات تم تحرير أوامر مداخيل بشأنها.
وتجدر الإشارة إلى أنه من بين مظاهر ضعف المراقبة، انتشار المقالع غير القانونية التي تعد من بين الإشكاليات التي يعاني منها القطاع. وتساهم عدة عوامل في استمرارية هذا النوع من المقالع كعدم فعالية إجراءات المراقبة، والاستخراج غير المرخص لمواد المقالع.
لتنفيذ المشاريع، إلى جانب التذرع بالظروف الاجتماعية للساكنة المحيطة، في بعض الحالات.
أما بالنسبة للتتبع البيئي لاستغلال المقالع ، فقد لوحظ أن 10% من المقالع المستغلة لا تتوفر على الدراسة المتعلقة بالتأثير على البيئة، مما يحول دون تتبع هذه المقالع واحتواء آثارها البيئية، وذلك في غياب أي تقييم مسبق وتحديد للتدابير الكفيلة بإزالة التأثيرات السلبية أو التخفيف منها أو تعويضها. كما تحول مجموعة من العوامل دون تتبع الجوانب البيئية لاستغلال المقالع كالافتقار إلى الموارد البشرية المؤهلة على مستوى المصالح اللاممركزة لوزارة التجهيز والماء. وتجدر الإشارة، أيضا، إلى غياب تحديد للمواصفات التقنية التي يجب احترامها في ما يخص الآثار السلبية على البيئة كتلك المتعلقة بالضوضاء والاهتزازات، وانبعاثات الغبار وإتلاف الطرق العمومية.
وبخصوص تثمين المواد المستخرجة من المقالع فتعتبر من أهم المستجدات التي جاء بها القانون رقم 27.13، سالف الذكر، غير أن هذا التثمين اقتصر في أفضل الحالات على عملية الإدماج العمودي لأنشطة المقاولات العاملة في قطاع البناء والأشغال العمومية.
وقد تطرقت استراتيجية الوزارة المكلفة بالقطاع 2012-2018 إلى الرافعات الأساسية لتشجيع وتطوير الصناعات المرتبطة بمواد البناء، وذلك من خلال إحداث أقطاب صناعية متكاملة لتثمين هذه المواد. وقد وقع الاختيار على إقليم بنسليمان من أجل إنجاز مشروع رائد في أفق تعميمه على عدد من الأقاليم الأخرى. غير أنه لوحظ، وإلى حدود نهاية سنة 2022، أنه لم يتم إنجاز هذا المشروع. وبالتالي فإن تعميم هذه التجربة على الأقاليم الأخرى كتازة وصفرو وسيدي إفني والسمارة لم تنطلق بعد كما كان مقررا.
على ضوء ما سبق، أوصى المجلس الأعلى للحسابات رئاسة الحكومة بوضع إطار وإضفاء الصبغة الرسمية عليه، لتحديد آليات تبادل البيانات بين الفاعلين المؤسساتيين المعنيين بقطاع المقالع وتمكين المراكز الجهوية للاستثمار من خريطة للعقار العمومي المعبأ أو المحتمل تعبئته لغرض استخراج مواد المقالع.
كما أوصى المجلس وزارة التجهيز والماء بوضع منصة معلوماتية مشتركة مع مختلف الجهات المتدخلة في تدبير استغلال المقالع ووضع استراتيجية وطنية لتدبير هذا القطاع وتتميم الإطار القانوني المنظم له. كما أوصى المجلس الوزارة بوضع آليات لتثمين مواد المقالع وكذا بتفعيل اللجنة الوطنية لتتبع استغلالها ومساعدة اللجان الإقليمية للمقالع من أجل الاضطلاع بكافة المهام المنوطة بها مع التتبع والتقييم الدوري لأعمالها.
وأخيرا، أوصى المجلس وزارة التجهيز والماء والقطاع المكلف بالتنمية المستدامة بتعزيز وتتميم الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتدبير البيئي لاستغلال المقالع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock