مقالات و آراء

مقالة: “الجهل المقدس” -الفضيحة-

كتبت من طرف ذ، شني عبد الصمد

استضاءة العقل ورجاحته، من استنارة الضمير ونباهته، إن مات الأخير ضاع معه تنوير العقل، فيصبح للجهل المقدس قداسة مثالية، يصنع تخلفا فكريا مطلقا.
ذلك فرجحان العقل هو اكتمال علمي كبير، وتمتع بقدرة واسعة في التأثير، ونباهة الضمير هو اتزان في تصويب خروج العقل عن جادة الصواب..

لا عجب في ذلك، فتقديس الفضيحة -الأخلاقية- والتلذذ بها، والاستمتاع بخوف ضحاياها، هو تقديس للجهل الذي بلغ منتهاه عقول من تناثوا تناثيا في إشاعتها وانداعها وإذاعتها بين الناس..

وإذا كانت الفضيحة بشتى أشكالها وأنواعها انكشاف للمعايب ، أو الشهرة بما يعاب، أو كلُّ ما ينكشف من انحرافٍ عن القيم الخلقيّة ، وما يجلب العار ويؤذي المشاعر الأخلاقية للمجتمع، فإنها تبقى من حيث المكان حسب بطرس غالي الاختصاصي في علم النفس: “تحصل عندما يفشل المرء في التفاوض مع المعتقدات الإجتماعية الراسخة والتناقضات الحاصلة والمتمثلة بالنزاع حول التمسك بالحرية الشخصية والتزام المبادئ العامة التي يفرضها المجتمع، وكل ما كان المرء معروفاً أكثر في المجتمع كبرت الفضيحة واتخذت مساراً أوسع انتشاراً …”

صحيح أن للمجتمع مقومات قارة تتمثل في الحفاظ على أسسه الدينية وركائزه العائلية… لكن في المقابل هناك حريات فردية يؤطرها ويحكمها القانون، ويقيدها حتى ولو كانت شخصية، فإن صاحبها مجبر بالتقيد بدوره بتعاليم التشريع، فكلما أراد أن يثور على الأعراف والعادات داخل المجتمع الواحد فإنه يجد نفسه أمام معارضة من طرف كم هائل من الناس، يسمون ثورته -حسب رأيه- بالفضيحة، لذلك يظل التفاوض مع المجتمع صعب المنال..

وعلى هذا الأساس نقول أن كل أطياف المجتمع سواء من حيث السن أو الدين أو العرق… فإنهم معرضون للخطأ، لكن غالبيتهم يرفضون أن يقع واحد منهم فيه، فيلجؤون لعتابه ولومه، مما قد يشكل له ولعائلته ضرر نفسي حاد..

حسب موقع غوغل فإن ما يزيد عن ثمانية عشر مليون وأربعمائة ألف شخص قاموا بإدخال كلمة فضيحة للبحث عن خروج الناس عن الصواب، وهو رقم قياسي كبير، مقارنة مع المصطلحات والمفاهيم ذات الأولية الكبيرة، من قبيل “الفضيلة” التي تعني الدرجة الرفيعة في حسن الخلق أوالعلم، يقال أن:” فضيلة السيف إحكام القطع، وفضيلة العقل إحكام الفكر”، وهو مصطلح يفرقه حرف واحد عن “الفضيحة” وهو حرف اللام، فالاشتغال بمعايب الناس ومساوئهم يعد فضول غير محمود، وتدخل المرء في ما لا يعنيه.. فمتى نجبر ذواتنا عن التخلي عن هذا الأخطبوط الذي ينخر مجتمعنا؟ والتركيز عن كل ما يطوره ويرفع شأنه أمام المجتمعات؟..
يتبع ……….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock