ثقافة وفن

قراءة نقدية لقصيدة  الشاعرة وفاء أم حمزة “اقتربنا من وقتنا الواقعي ”  للناقد و الدكتور محمد كنوف

متابعة أنيس بنلعربي الدار البيضاء.

إقتربنا من وقتنا الواقعي، 
كنا خياليين ،مرضى بما تبقى 
من قفزة غزالة، 
متعبين.. .نعجن حُمانا
نتعلم أسرار الماء و الرطوبة،
و نهرس السراب بمعاول العاطفة
و الصبر.
كنا نُعلق رقصتنا بفساتين السماء 
نربي الرقصة اليتيمة
على نهد الفراشة ،
كظلال نتلمس الضوء، 
نقتات على ندى الزهرة
و وردة الفجر الخجولة.
كنا حراساً للنجوم المقدسة
لتنمو قبلا في حزام الريح،
نطفو على وجه المساء ،
نفرك عينيه بأصابع 
هشة مثل أحلامنا،
نبني سقفاً لقمر الغناء
على أجنحة حمامات بيضاء. 
إقتربنا من زراعة حقول الزيتون
إقتربنا من الشمس،
من فم الحجلة،
من النوم الأبيض ،
نخيط رتقَ الحكمة بإبرالإحتمال
يتعافى القطن 
من صدإ العزلة 
فيسقط الضحك في أعيننا شجراً
و كلاماً خفيفا عن وقتنا السريع
عن حلمنا القمري.
إقتربنا من جنون الشعري فينا 
إقتربنا من وقتنا لنصدق، 
أننا نصف الطريق 
و ثلث الحب.
اقتربنا من صفات الأغاني 
التي يكتبها راهب في محرابه البعيد 
و اتسعت صلواتنا في، 
صدر طائر غائب في سمائه. 
اقتربنا من ضوء المرايا
من صور امرأة تختفي في هواء ثقيل 
سقط من يدنا و نحن نختنق في
زحمة الضحكات
إقتربنا من بدايات النجمة ،
و ليل الساهرات.
بين الكثافة الخالصة لشفافية المعنى وبين تواتر الرسم اللغوي الخارج عن مألوفه القاموسي يوجد هنا نص كامل الإشراق وبكل مميزات المابعد حداثي في تأسيس احتمال الشكل و المعنى لاستقلاب ما لم يكن قريبا من الشعري إلى ما بعد الشعري.من النص تأتي التجريدات و التأمل في الواقعي لا من خارج متنه المحكم،توازن الفكرة و الشكل ،لغة لم يقيدها الروي في إيقاع متجدد والإعتماد الظاهر  على نفس الزمن الصوتي ميزة خالصة لكتابة تستشرف معالم قصيدة مكينة في شعرية الأستاذة الصديقة،وفاء أم حمزة.ما يقرأ في تجليات التجريد الواقعي كنظرة فلسفية إلى استقطاب الذات الفسيحة مكمن معالج بحس شعري فارق.المجرد في هذا النص من معنى موقع بذات واقعية لا سحابية، استقراء موجه بوعي المهارة الشعرية الذكية،ومفتاح النص الموسع على توالي النص،تجلى في إعادة تدوير الخلق الجمالي مبنى و معنى ،في كلمة اقتربنا،فعلا تارة ومصدرا تارة أخرى،وهو الباب الوحيد الذي أفسح البناء الشكلي و المابعد ذلك إلى ابتكار التمازج الدلالي بين الخيالي ونقصد المخيالي،و بين الواقعي ،هو حركية احتمال التشكيل المحسوب على افق الخروج من ضيق الكتابة النمطية إلى كتابة ضوئية ،أكثر احتمالا إلى المبنى و المعنى ببصمة أكثر حداثية. اختبار الأشكال ،الإيقاع الداخلي و تخريجة قياس الزمن الصوتي الدقيق لهو الميزة الشعرية في شاعرية هذا النص العميق جدا و جدا.  مرة أخرى تدهشنا الصديقة الشاعرة المبدعة وفاء أم حمزة جليدا بتوليفة ،هي مكيدة شعرية جميلة فيها نسبة الشعرية الخالصة أعلى مما نعرف عن ضيق الكتابة المحسوبة على الجدة النمطية. كل التقدير للشاعرة المجدة ،المثابرة،الماهرة في وعي الكتابة لقصيدة الإحتمال في توليد الشعرية المتجددة الحداثية.
قراءة نقدية .   
الدكتور محمد كنوف..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. متابعة جيدة مشكورون على هذا الإسهام الجيد، الوازن والمميز.تحياتي العالية جدا.
    ألمانيا.د.محمد كنوف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock