ظاهرة الفقر وثقافة الفقر
بقلم : سمير الضويوي
خلافا للاعتقاد بأن الفقر يوازي اصطلاحا ، عدم القدرة على تغطية المتطلبات المعيشية في حدودها الدنيا ، بل إنه متعدد الأبعاد ، فالفقر بكل تجلياته ظاهرة كونية -إن جاز هذا التعبير- غير أنه لا يقاس بنفس المعايير بين الدول الغنية والأخرى المسماة نامية، فما بالك بالدول المصنفة أصلا فقيرة، فالشعارات المحورية للمنضمات الحقوقية الدولية والبنك الدولي هي (القضاء على كل اشكال الفقر والحاجة) دون طرح بدائل عملية أو حلولا تُعَمِّقٌ سياسة التفقير.
في المغرب كشفت المندوبية السامية للتخطيط (منضمة حكومية) عن أرقام وٌصِفَتْ بالمخيفة إذ أن حوالي 3،2 مليون شخص إُضيفت إلى جحافل الفقراء مِمَّن تدهورت حالتهم المعيشية وذلك بسبب مخلفات جائحة كوفيد 19، نسبة التضخم الغير مسبوقة، وارتفاع الأسعار مما تسبب في عودة وضعية الهشاشة والفقر إلى ما كان عليه الوضع سنة 2014 ليرتفع معدل الفقر المطلق إلى أكثر من 3% فيما وصل تدهور الأوضاع المعيشية أي الهشاشة إلى ما يفوق 10% وطنيا، وتختلف حدتها في الحواضر بحوالي 6% وإلى أكثر من 17% غي القرى.
فغالبا ما يبدأ البحث الإجتماعي حول الفقر بالتساؤل إن كان ظاهرة أم إجتماعية أم ثقافة؟! مبدئيا فالفقر كما أسلفت هو مشكلة إجتماعية يتم تفسيرها بعدم قدرة الشخص أن يفي بتغطية إحتياجاته عند حدودها الدنيا(مأكل.ملبس.مسكن….الخ!) مع ما يصاحب هكذا خلاص من توثر ومعاناة تبعده أساسا عن الإحساس بالأمان. فقد خَلٌصَ عالم الإجتماع والأنتروبولوجيا الأمريكي أسكار لويس بعد دراسة ميدانية حوالي ستينيات القرن الماضي : إن الفقراء فئة تميل عادة إلى العزلة بسبب الشعور بالدونية والنقص والتهميش، كما إنهم لايقبلون على جودة الحياة كما إنهم يشكلون أعلى نسبة للطلاق ، وكل هذه السمات حسب أوسكار لويس هي المُشَكِّلة لثقافة الفقر والتي يتبناها الأبناء والأحفاد فيما بعد إذ يتم غرس هذه المعطيات في عقول الأجيال المتلاحقة من الفقراء، كالإنهزامية والاتكالية وعدم التخطيط للمستقبل فالأمر حسب علماء الاجتماع يقتضي بالضرورة الإجابة عن السؤال الجوهري لماذا يولد الفقير فقيراُ ؟؟؟ للقضاء على ثقافة الفقر وهو أمر ليس بالهين إذ يستوجب العمل على بناء مواطن مشارك داخل المنضومة المجتمعية ، وتمكينه من حتجياته في التعليم..الصحة والسكن ….والعمل …الخ! وانتزاع الفكر الإقصائي والعنصري بمعنى من المعاني ، لأن وِراثة ثقافة الفقر ليست جينية بمفهومها البيولوجي بل بنيوي تفرزه أفكار مغلوطة…..أما القضاء على الفقر يكفي القضاء على مسبباته، والتوزيع العادل للثروة …..