مقالات و آراء

فرنسا. – المغرب سوء الفهم مع سبق الإصرار

بقلم: سمير الضويوي

“عندما يكون هناك سوء فهم بين الفرنسيين والمغاربة، وغالبا ما يحدث ذلك. حينها من عليه القيام بجهد كبير ليفهم الآخر ؟” سؤال وضعه الصحفي الفرنسي آلان دوهامل ALAIN DUHAMEL على المرحوم الحسن الثاني عام 1996..رَدُّ صاحب الجلالة كان عميقا في أبعاده السياسية وموضوعيا بمنطقه العقلاني : (أنتم..فنحن نعرفكم جيدا أكثر مما تعرفوننا، فأنتم لم تذهبوا إلى المدارس المغربية، …بينما نحن نعرف أجدادكم، وأمهاتكم، ونعرف تاريخكم، ومؤسساتكم، وأنتم لا تعرفون عنا شيئا ، إنه دوركم اليوم لكي تتعرفوا علينا” . مرت أكثر من عقدين ونصف على هذا التعليق ولا يزال قِصَرُ المعرفة قائما أو مٌتعَمَّدا -إن صحَّت دِقَّةُ التعبير- رغم المتغيرات الحاصلة في مجمل العلاقات الدولية، فلن يضر السيد ماكرون امانويل شيئا إن أعاد بوعي قراءة هذه الجملة الحكمة فهو على الأقل لن يحتاج إلى ترجمتها حتى لايزيغ المعنى عن مدلوله لان المغفور له الحسن الثاني قالها بفرنسية راقية مستعملا كلمات واضحة المعنى وقطعية الدلالة على حد تعبير أهل الفقه؛ حيث لم يخرج وريث العرش جلالة الملك محمد السادس حين أكد في خطابه إن قضية الصحراء المغربية(….هي المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصدقات ونجاعة الشراكات) فتاريخ الجفاء الفرنسي المغربي أو لِنِقُلْ سوء الفهم هو تاريخ طويل من التشنج منذ نجاح اليسار الفرنسي بالرئاسيات تحديدا منذ فرنسوا متران إلى حدود الآن رافعا عصا حقوق الإنسان عهدئد محاولا لفت إنتباه دول المغرب الكبير على الخصوص أو حديقتها الخلفية حتى يتسنى لها ثروات هذه البلدان…غير إن هذه الشروط لم تعد ذات جدوى الآن فبدأت فرنسا تبحث عن بدائل تفرض من خلالها سلطتها الأبوية حين بدأت باتهام المغرب بالتجسس على فرنسا ورئيسها بواسطة البرنامج الإسرائلي بيغاسوس وهي التهمة التي ظلت الرباط تنفيها بل رفعت دعوى قضائية في يوليو 2021 بواسطة المحامي أوليفييه باراتلي ضد منضمتي (( فورتين سوريز)) و ((العفو الدولية)) بتهمة التشهير . هذه الحلقة من سلسلة الخلافات المستمرة، هي المحصلة لموقف فرنسا الغير واضح من قضية الصحراء المغربية، وكرد فعل قامت فرنسا بإنهاء مهام سفيرتها بالرباط هيلين لوغان حيث تم تعيينها مسؤولة عن الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي سيبادر المغرب بدعوة وتعيين سفيره لدى باريس محمد بنشعبون مديرا عاما لصندوق محمد السادس للإستثمار(صندوق سيادي) لتجربته الأكاديمية والعملية..فشغور مقعدي السفيرين هو اعتراف بتوتر في العلاقات حسب الأعراف الدبلوماسية..ولقد أدى تمدد المغرب في عمقه الإفريقي بسياسة رابح رابح والتجاوب الكبير والمُرَحَّبْ عامل ضمن العوامل التي أجَّجت هذا الفتور القوي في العلاقات الفرنسية المغربية خصوصا بعد انسحاب فرنسا من مالي تشاد وإخفاقها في الملف الليبي وكذا المعارضة الشديدة التي بدأت تتصاعد ضد سياسة فرنسا بالقارة الافريقية رسميا وشعبيا وفشل زياراته لبعض الدول الافريقية كل هذه المعطيات جعلت منسوب الخلاف يصعد للعلن دون روتوشات براغماتية كما العادة إضافة إلى حراك الشارع الفرنسي بسبب الغلاء وشح الطاقة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا مما دفع رئيسة الحكومة ونصف زملائها شد الرحال نحو الجزائر لخفض مستويات الخلافات ببن البلدين وعقد صففات من أجل الغاز والنفط ولو على حساب حليف استراتيجي كالمغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock