مقالات و آراء

القمة الفرنكفونية بتونس: الفسحة المؤقتة لقيس سعيد لفك عزلته الولية

بقلم : سمير الضويوي

حين قام الكاهن الاسباني خوان ابرن سامتريس بداية القرن 19 بغرس الأشجار بقريته الصغيرة سييرا دي غاتا مدعوما بحماسة السكان في جو احتفالي قُرِعتْ خلاله أجراس الكنائس فقط ليبرز للعالم قناعته بأهمية ” الأشجار للصحة،والنظافة،والتزيين،والطبيعة، والبيئة،….” بنفس المناسبة (يوم الشجرة) وقف الرئيس التونسي قيس سعيد يوم الأحد 13 نونبر 2022، بجبل بوقرنين 16 كلم جنوب شرق العاصمة تونس ليغرس شجرة زيتون فوق المنطقة التي شهدت حرائق مروعة الصيف الماضي ، لكن الهدف غير الذي حدده الكاهن الاسباني، بل ليمرر رسائل مشفرة (لخصومه السياسيين) محملا اياهم مسؤولية الحرائق وإنهم أطراف ” لا وطنية لهم ولا انتماء لهم لتونس” مهددا بان لا تسامح “مع من يتكاول على الدولة” موجها للقضاء الدعوة أو الأوامر لافرق ” ان يلعب دوره في تطهير البلاد من هؤلاء المجرمين الذين عبثوا بكل شيء ” متهما المعارضة بشكل مبطن بالتآمر على وطنهم انطلاقا من العواصم الغربية حيث يتلقون “رشاوى و يتاجرون في المخدرات” للتآمر على ما أسماه إرادة الشعب.وبعد أقل من أسبوع سيشد قيس سعيد الرحال إلى أقصى جنوب شرق البلاد ليفتتح القمة الفرنكفونية ، بجزيرة جربة السياحية امام 89 وفدا رسميا.
بغض النظر عن نتائج القمة التي لا تُرى ولا تُسمع حسب تعبير الكاتب السينيغالي أمادو لمين صال ؛وآثارها على العلاقات الدولية والتنمية الاقتصادية والرقمنة وهي عناوين هذه الدورة 18، فالأزمة السياسية التونسية حاضرة بكل ثقلها، والكل واع بحجمها وتداعياتها منذ انقلاب قيس سعيد على الديمقراطية حوالي سنة ونصف مما سبب له عزلة سياسية دولية بالإجماع الرافض للإجرائات التي انهت تجربة سياسية غير مسبوقة في العالم العربي.لذا فتنظيم قيس سعيد لهذه القمة في تونس يٌنْظَر لها من عدة زوايا ، فالكنديون عبروا عن ” مخاوف المشاركة الديمقراطية في تونس ” وعبر مسؤول كندي إلى قمة جربة نية بلاده إشارة هذا الموضوع خلال اجتماعات القمة، الخبير الفرنسي للشؤون السياسية فنسان جيسار يرى ان القمة قد تكون نجاحا للرئيس التونسي حيث ستخرجه مؤقتا من عزلته، أو هي مرحلة لرد الأنفاس وإضفاء الشرعية على سياسته الاحتكارية للسلطة امام الشركاء الغربيين.اما تكتل المعارضة التونسية يعتبر ان تنظيم القمة هو” استغلال من قبل سلطات الانقلاب للتسويق للانقلاب” إذ طالبت سميرة الشواشي باسم المعارضة الوفود ” في قمة الفرنكفونية في تونس دعم مسارها الديمقراطية ” .
الرئيس قيس سعيد في كلمته الافتتاحية للقمة أشار انها ” ثمرة عمل جماعي متواصل بإرادة صلبة ” غير أنه استدراج بأن “الامر تم في ظروف صعبة لأسباب عديدة خاصة وسط سعي البعظ من أجل إلغائها”. فقد تكون تونس مستفيدة من القمة وقيس سعيد على الخصوص ولو مرحليا، لأنه اختار الارتباط العميق بالاستراتيجية الفرنكفونية والتي ليست بالضرورة لغوية أو ثقافية، لأنها أبلغ من كل ذلك تجعل قيس سعيد حبيس النفوذ والتأثير الفرنسي بكامل الإرادة السيادية، من المحتمل ان تفاقم في عزلته السياسية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock