مسلسل “الرحاليات” يزيل الستار عن المسكوت عنه ..وعن تاريخنا المنسي
تواصل القناة الأولى حصد نجاحاتها من خلال الدراما المغربية، ولعل هذا النجاح تجلى في مسلسل ” الرحاليات ” الذي كان قد إنطلق بثه قبل شهر رمضان الفضيل ومازالت تبثه القناة الأولى لحد الآن والذي يشهد متابعة كبيرة من المشاهدين.
ترى ما السرفي إعجاب المغاربة بمسلسل ” الرحاليات” و ولعهم الكبير به ؟
لعل أول ما قد يتبادر إلى الذهن هو فكرة تعطش المغاربة لرؤية كل ماهو تراثي مغربي أصيل ، عن طريق أعمال تجمع ما بين الدراما و التراث و شخصيات تشبههم و تعّبر عما يفكرون فيه وما يخالج صدورهم من آمال وما يعتريهم من آلام.. وهذا جزء من تفسير الإقبال المنقطع النظير على هذا العمل الرمضاني المعروض على القناة االأولى كل خميس، فالمشاهد المغربي يريد أن يشكل التلفزيون مرآة يرى فيها نفسه، لهذا تراه يترك ما تعود على متابعته في الأيام العادية من دراما تركية، أو عربية ليولّي وجهه تجاه العمل الوطني ، ولكونه أيضا موضوع جميل وغير مستهلك يوثق لحقبة تاريخية مغربية.
وتدور أحداث القصة خلال فترة الحماية الفرنسية قبيل إستقلال المغرب ، حول الر ّحل الذين يبحثون عن الماء والكلأ قرب الأنهار ، فمن المؤ ّكد أن لديهم قصص حب كثيرة ، اخترنا منها قصة خيطانة التي أحّبت غريبا عن عشيرتها الرافضة لذلك ، وأصرت على الزواج منه ، دون علمها بأن ذلك الغريب هو قاسم ابن بوسلهام قايد القبيلة التي إستقر الرحل على جنباتها والذي يحكمها بعصا من حديد..
فقصة المسلسل تجمع بين الدراما الإجتماعية-التراثية والفرجة الموسيقية عبر شذرات من تاريخ قبيلة تجّبر قائدها فر سخ العبودية ، وإستغل البشر ، وشرد العائلات واعتقل المظلوم ونصر الظالم..
ستكون شخصية خيطانة أو خيط الروح مفتاحاً للإطلاع على بعض تقاليد وأعراف الر ّحل المغاربة عبر قصة مشوقة .
فمنذ الحلقة الأولى ، يجد المتتبع نفسه أمام قصة قّيمة ، غير مستهلكة و وازنة ، بالموازاة مع الحكاية الرئيسية ، تتفرع حكايات ثانوية لتخلق قصصا متشعبة ذات صلة وثيقة بتفاصيل و جزئيات متعلقة بالإطارالزمني الذي تدور فيه قصة خيطانة .. إضافة إلى قصص أخرى قلّما قاربتها الدراما المغربية ستظهر مع توالي الأحداث في شكل لولبي يمنع تشتيت ذهن المتابع ويضمن تركيزه ، ويزيد من إثراء العمل مع ما يضيفه من تشويق وغموض وإثارة .. ولعل ما يجمع كل هذه القصص ويعطيها قوة ومصداقية أنها مستقاة من واقع مغربي قديم ومبنية على أحداث مرتبطة بالحياة اليومية في حقبة زمنية معينة ..
الإشتغال على التراث هو اشتغال على ما هو مغربي .. لأن الفرجة لا تتحقق إلا بما هو محلّي .. فقد تم الإشتغال على التراث ببصمة مغربية ذات مرجعّيات تاريخية مهمة .. حيث لا يوجد شيء أجمل من الرجوع إلى التاريخ المغربي الأصيل ..كما أن توابل الفرجة بدورها ، تتواجد بقوة في المسلسل الذي تدورقصته الدرامية حول قصة حب رومانسية ، كما أن المسلسل يزخر بأنواع أخرى من الفرجة هي في الحقيقة حبكات متعددة بتعدد الأحداث ، كما أن قوة المسلسل تظهر أيضا من خلال الكتابة، إذ أنه مكتوب بشكل جيد، فالأحداث تتوالى بسرعة لدرجة أنها لا تترك للمشاهد فرصة إلتقاط أنفاسه.