مقالات و آراء

شخصنة الأماكن

الصويرة / حفيظ صادق

يقشعر بدني لما ألت إليه مدينة الصويرة أذكر سنوات الطفولة أواخر الستينات فتأتني الدموع وأتالم لحال أرض أجدادي . الصويرة كانت مدينة الحب والجمال حب الآخر جمال غروب الشمس مدينة خلقت لننقش على أرضها ذكريات الجمال المنبعث من كل حبة رمل على شواطئها الجميلة من كل نغمة تبعثها نوارسها من كل ألفة تجدها في أزقتها ودروبها من كل طيبة تلمسها في نسائها ورجالها البسطاء …
ذكريات جميلة ومشاعر رائعة يمحوها الزمن فالبحث في الطقوس والعادات والتقاليد والعمران والمطبخ والضيافة والموسيقى وألعاب الطفولة والصداقة والتعايش هو البحث في الهوية للعائلات بالصويرة .
فالمطبخ يعد أحد الأركان الأساسية للأسرة الصويرية ومن الأشياء التي أصبحت من الماضي هو أنني ارفع رأسي ولو آية قرائية أو صورة لصاحب الجلالة أو زعيم سياسي معلقة على جدران إحدى البيوت …
ماذا جرى ياترى حتى أغفلنا حب الله والوطن والملك فالبحث عن الهوية وتثمينا للذاكرة الجماعية التي باتت تعيش تحت تهديد العولمة والإستلاب الثقافي . المسعى إذن هو ربط الحاضر بالماضي وتعريف الأجيال الحالية والقادمة بغنى وتنوع الموروث الصويري في شقيه المادي واللامادي.
يتحدد ارتباط المطبخ مند الطفولة بالنسبة للمرأة ويرتبط بالعلاقة بين الفتاة وأمها بين الرجل والمرأة . فالمطبخ يعتبر أحد الأركان الأساسية التي تميز العائلات الصويريات المسلمات والمسيحيات واليهوديات .
يجب على الباحثين توثيق طرق الطبخ الصويري بكل مايرتبط بذلك من مقادير الدهون والخضر والأبازير وكذا توثيق كل وجبة من الوجبات المناسباتية. طقوس الضيافة وحفاوة الإستقبال والترحيب يعد شكل من أشكال الكرم .
نرحب بالضيوف باستقبالهم بالثمر والحليب والشاي والحلويات من كعكاع وغريبة والبريوات والبصطيلة.
ولاننسى الماء الذي يعتبر أصل الحياة ومنبعها لذلك يستحيل تصور رياضات لاتتوسطها نافورة تتدفق بالماء العذب ومنازل كثيرة تتوفر على بئر للماء الحلو من حي الشبانات حتى حي بني عنتر ومن حي الملاح حتى حي أهل اكدير .
المعمار التقليدي والديكور الداخلي للبيوت العتيقة بالصويرة بقيت شاهدة على عمق التاريخ المنسي . في صغرنا ندخل للبيوت نشاهد أشكال وزخارف ونقوش وأسوار وزوايا هنا ارتباط الفن المعماري بديكوره الداخلي وجمالية الأثات من ستائر وزرابي وأرائك وموائد وأطباق وللأكل أمثلة مشهورة:
” ايلا غابوا السنان غابوا اللدات “.
وهناك مثل يروج بين الأسر داخل البيوت .
” الباب المحلولة… تدخل السبع وتزيد الغولة “.
تشكل الرياضات أحد أهم تجلياتها الفنية الجميلة في مدينة تسمى السويرة أو الصويرة إن انصراف الأجيال الحالية إلى التشبع بوجود الثقافة الغربية المستوردة عبر الإعلام أو عبر السياحة خاصة على المستوى المعماري يهدد بأفول احد أهم الكنوز للهوية الصويرية .
يجب أن نحتفي بأرض أجدادنا التي بقيت شاهدة على عمق تاريخ الصويرة الحضاري… الإنسان والأبواب والمآثر والصقالات والرياضات وكل مايتعلق بمدينة الصويرة يجب ان نحافظ عليه حتى لايندثر ويصبح من الماضي فالأماكن لها قيمة والمكان سيبقى والإنسان سيزول…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock