مقالات و آراء

” جيل غريب ..”

 

في هذا العصر، ومع سرعة عجلة التكنولوجيا، وسيادة المادة والمال، وتَوَفُّر كل مستلزمات الحياة البسيطة والصعبة المنال، وجد هذا الجيل الجديد كل شيء جاهز وسهل في حياته، حتى أنه بات مستغنيا عن كل فرد او شيء، حيث يوفر له العالم الإفتراضي كل بديل عن العائلة، والأقارب والأصدقاء على مواقع التواصل الإجتماعي. فكيف سيكون مستقبل هذا الجيل.

أصبح في الثقافة المأخوذ بها حاليا قَوْل هذا “الجيل صعب” في قول الٱباء، والأقارب، والجيران، والأساتذة …، يا ترى أين يتجلى سر صعوبة هذا الجيل الجديد؟ وما هو السبب فيما وصل إليه حال هذا الجيل؟ وهل هناك أمل ولو في زمن محدد لإعادة النظر في موطن الخلل وإجراء -ولو- بصيصا من الإصلاحات الترقيعية.؟

أصبح الجيل الجديد، ما يطلق عليه “جيل الألفية الثالثة”، و”جيل زد/Z”، و”جيل أُميغا”, و”جيل ألفا”, و”جيل Web”, أصبح أغلب أفراد هذا الجيل يشكلون أزمة عصر يُخاف منهم وعليهم. حيث “يتميزون باستخدامهم الواسع للإنترنت في وقت مبكر من أعمارهم، وهم متكيفين مع التكنولوجيا، ومتفاعلين على مواقع التواصل الإجتماعي بكل حوافره: فايس بوك، وأنستغرام، وتيكتوك …، هذه المواقع التي تشكل جزءا كبيرا من حياتهم الإجتماعية، متباعدين وبَعِيدِين في أغلب الأحيان عن عالم العلاقات العائلية وٱصرة القرابة…، لا يبالون بمن معهم ولا من يحوم حولهم، يسود إنشغالهم الوحيد “هَمَّ” الهاتف، والإنترنت، والعالم الإفتراضي ومكوناته في كل مكان: في البيت، والشارع، والمدرسة، حتى في المنتزهات، والمعاهد والجامعات …، إلى أين يذهب هذا الجيل، وأين سيتوقف لينظر ثانية إلى نفسه وواقعه الواقعي؟.

كان للٱباء في العهد الجميل دور قوي، أَوَّلي، وجد مُهِم في تربية الأبناء والسهر على رعايتهم. وإمتاز دور الٱباء -ٱنذاك- جليا بحضورهم في كل أدراج حياة أبنائهم، لا يغفلون عن واجبهم تجاههم في كل شيء، وفي كل مكان، ويتحملون مسؤولية ما خَلَّفُوا في هذا الوجود، من رقابة وتربية ونفقة ….

في حين، ماذا أصاب ٱباء أغلب افراد هذا الجيل الجديد، لماذا أصبح جليا ضعف أغلب الٱباء وضعف دورهم في تربية ابنائهم حتى كادت الهواتف تنسي معظم الأبناء غياب ٱباءهم عن المنزل إلى حين عودتهم من العالم الخارجي، وأصبح الأبناء أكثر عطشا لاستعمال الهواتف في حضور أوليائهم وأقاربهم، فضلا عن انه أصبحت هذه الهواتف مسكن للأطفال الحركيين عند زيارة أقاربهم، تشل نشاطهم، وتسكت صراخهم لتترك للأباء، والأقارب، والضيوف الجو المناسب للحوار وتبادل الحديث في راحة وطمأنينة، بل اكثر من هذا، ساهمت الهواتف في خلق نوع من المعرفة لدى هذا الجيل لأغلب الأشياء، وقبل أوانها.

وأصبح أغلب افراد الجيل الجديد هم من يحددون -في أغلب الأحيان- إختياراتهم في: المأكل، والمشرب، واللباس، وحتى في الفرجة على ما يثير إعجابهم واهتمامهم على الهواتف…، بل من الأفراد من إتخذوا من الهاتف عالمهم الخاص بهم، فانعزلوا عن وسطهم العائلي. فأين تتمحور نقاط هذا الخلل؟ وكيف نفسر ضلالة وإهمال بعض الٱباء لدورهم في حياة أبنائهم العائلية والمجتمعية؟، حين يشكل حضورُهم غيابَهم في حضرة أبنائهم في هذا العهد؟ هل أزمة بعض أفراد هذا الجيل هي أزمة قِيَم حتى أصبحوا حائرين عند مفترق الطرق، وعلى أهبة للإنحراف والإنجراف مع التيار القوي الهادم لكل شيء أجتماعي فيهم؟ أم ازمة “وَالِدِين” غافلين عن أدوارهم ومسؤوليتهم في التنشئة والتربية والتوجيه؟ أم الأزمة أزمة عصر سادت فيه التكنولوجيا والرقمنة ووسائل التواصل الإجتماعية بسبب شبكة الإنترنت بكل صالحها وطالحها، حتى أصبح هذا الجيل الجديد في خُسْر إلا الذين مازالوا تحت رحمة رقابة أوليائهم، المشرفين على تربيتهم ورعايتهم على أحسن ما يرام، مؤهلين ومستفدين من معرفة كل الأدوار الإيجابية التي تخدم مصلحة أبنائهم وذويهم من خلال شبكة النت، وخاصة مصلحتهم الإجتماعية والمجتمعية.

عائشة الشقوندي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock