مقالات و آراء

مدينة القصر الكبير أمام زحف المقاهي وغياب الفضاءات الثقافية : أي مستقبل نريده لشبابنا ؟

بقلم _ يوسف الصياري تعيش مدينة القصر الكبير تحوّلًا عمرانيًا واجتماعيًا بارزًا، يتجلى في الانتشار الكبير وغير المتوازن للمقاهي، حتى أصبح من النادر وجود حي يخلو من مقهى. وتشير تقديرات إلى وجود أزيد من 500 مقهى وقرابة 100 كافيتريا، ما يثير تساؤلات حول اختلال السياسات المحلية في التنظيم المجالي وتدبير المرافق العمومية.
ولا يفوتنا التأكيد على الدور المهم لليد العاملة في هذا القطاع، إذ توفر المقاهي مورد رزق لعدد كبير من الأسر وتشغل شبابًا يفتقرون لبدائل حقيقية. لكن ذلك لا يعفي الجهات المعنية من السعي لتحقيق توازن بين العيش الكريم والتنمية الثقافية المستدامة.

هذا الانتشار المفرط لا يوازيه للأسف أي جهد موازٍ لتوفير فضاءات عمومية بديلة تسهم في تنمية قدرات الشباب، وتمنحهم إمكانية التكوين، الإبداع، والمشاركة المجتمعية. بل إن المفارقة المؤلمة تكمن في أن دار الثقافة بالمدينة ما تزال مغلقة منذ سنوات، دون توضيح رسمي حول الأسباب، ولا مؤشرات على نية حقيقية لإعادة فتحها.

لقد تحوّلت المقاهي في القصر الكبير إلى ملاذ يومي للعديد من الشباب العاطلين عن العمل أو المحبطين من الواقع التعليمي والاجتماعي، وهو ما يزيد من تفاقم مظاهر الهدر الزمني والفراغ القاتل، في غياب أي أفق ثقافي أو رياضي جاذب، يُخرج الشباب من دوامة الانتظار السلبي.
أمام هذا الوضع، تُطرح أسئلة مشروعة وملحّة :

• ما دور الجماعة الترابية في تنظيم هذا الامتداد غير المراقب للمقاهي؟
• لماذا يتم السكوت عن إغلاق دار الثقافة، وكأن الثقافة لم تعد أولوية؟
• وأين هي المسؤولية الأخلاقية والوظيفية للسلطات المحلية والجهات المنتخبة في إعادة التوازن للفضاء العمومي؟

إن استمرار هذا الواقع يشكل خطرًا حقيقيًا على البنية المجتمعية للمدينة، ويُعمّق من حالة التهميش التي يعيشها عدد كبير من الشباب، في وقت يفترض أن تكون فيه السياسات المحلية داعمة للثقافة، محفزة للإبداع، وراعية لكرامة المواطن.

وختامًا، فإننا كطلبة وفاعلين في المجتمع المحلي، ندق ناقوس الخطر، ونوجّه نداءً واضحًا للمسؤولين:
إن القصر الكبير مدينة تحتضن طاقات شبابية جديرة بأن تُمنح حقها في التكوين والتعليم والمشاركة.

يوسف الصياري : طالب جامعي بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock