مقالات و آراء

المغرب و الجزائر بين سياسة اليد الممدودة و اليد المغلولة.

عادل بن الحبيب

المغرب دولة عريقة ضاربة في أعماق التاريخ، تعتبر من بين أعرق الدول وأعرق الملكيات في العالم. ساهمت إلى درجة كبيرة في الاشعاع الذي عاشته الأمة الإسلامية في حقبة الازدهار والرقي والتقدم.
في المقابل فإن الجزائر دولة صنيعة الاستعمار، لم تكن لها شخصية تاريخية ولم تكن قط مركزا حضاريا أو ثقافيا ولا تتميز بأي ميزة تتفرد بها عن دول الجوار. طوال التاريخ كانت الجزائر خاضعة لسيادة دول وامبراطوريات أخرى، فتارة كانت خاضعة للدولة المغربية وتارة للعثمانيين وتارة للفرنسيين، الذين يعود لهم الفضل في تسمية الدول الجزائرية وفي ترسيم الحدود الجغرافية التي تتمتع بها الآن. فقبل التواجد الفرنسي لم تكن هناك دولة اسمها الجزائر ويعود الفضل في بناء هذه الدولة إلى فرنسا.

هذا الفرق الشاسع بين تاريخ وعراقة ورقي البلدين يعتبر من بين أهم الأسباب النفسية التي تفسر هذا السلوك الخبيث والشاذ لحكام الجزائر تجاه المغرب على الرغم من كل ما قام به هذا الأخير إبان حرب التحرير الجزائرية والتضحيات التي قدمها من أجل مساعدة الجزائر للحصول على استقلالها. لاكن أول شيء قامت بعد حصولها على الاستقلال هو عض اليد التي امتدت لها والطعن في ظهر الدولة التي ساعدتها على الحصول على استقلالها.

بسبب عقده قادتها تجاه المغرب، فقد حاولت الجزائر منذ حصولها على الاستقلال فرض نفسها كالقوة المهيمنة في شمال افريقيا ومنذ ذلك الحين دخلت في سباق ضد المغرب من أجل تأكيد حظوتها وجدارتها في لعب دول الدولة المهيمنة على المنطقة. ويعتبر دعمها ودفاعها المستميت عن البوليساريو ووقوفها أماما محاولات المغرب الحفاظ على وحدته الترابية جزء من هذا المخطط. ومنذ ذلك الحين وهي تضحي بالغالي والنفيس وتحبك المكائد والدسائس ضد المغرب، إلا أن المغرب أبان عن معدنه الأصيل وعن مرونته وقدرته على التأقلم مع كل المتغيرات وكان دائما يمد يده للنظام الجزائري من أجل الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية و حسن الجوار،و قدم مجموعة من المبادرات والاقتراحات للتعاون مع الجزائر خلال السنوات الماضية ومنها اقتراح فتح الحدود و الحكم الذاتي و غيرها…

أزيد من 48 سنة والنظام العسكري الجزائري يدعم البوليساريو بالمال والسلاح من أجل تقسيم المغرب ، الجزائر صرفت 370 مليار دولار على البوليساريو طوال هذه السنوات. الرئيس تبون في كل خرجة و في كل مناسبة يسيئ الى المغرب و يعتبر الصحراء المغربية منطقة مستعمرة . ما يقارب النصف قرن من تسخير الوزراء والجنرالات والسفراء والإعلام بما فيها وكالة الأنباء الرسمية لمهاجمة المغرب بشكل يومي ،بغية الوصول لهدف واحد وهو فصل المغرب عن صحرائه ، الإعلام الجزائري العسكري يسب الملك و الشعب المغربي و التاريخ المشترك. ، و يقدم فضائح و ليس برامج تلفزية تعتبر المغاربة متسولين و شواد ، دخلهم الوحيد هو المخدرات و الدعارة. الجزائر تصر يوما بعد يوم على اغلاق الحدود رغم كل المحاولات الجادة من المغرب من أجل فتح الحدود و عودة العلاقات بين البلدين.

لقد شاهد العالم بأسره الفضيحة التي ورطت نظام العسكر الحاكم في الجزائر، و الدعوة إلى القتال وحمل السلاح التي جاءت على لسان ضيف افتتاح الشان حفيد مانديلا ، الذي تم شحنه بأموال الشعب الجزائري لينبح بأعلى صوته أمام العالم في كلمة تحريضية تناقلتها جميع القنوات العالمية في تظاهرة المفروض انها رياضية، لقد سمع العالم كيف رددت الجماهير في حفل الافتتاح جملة “المغربي حيوان ” لقد شاهد العالم كيف تم منع بعثة المنتخب المغربي المشارك في الشأن من الدخول للجزائر.

ما وقع في ملاعب دولة العسكر ماهو إلا نتيجة حتمية ، لنظام بومدين البائد الذي زرعه في كل مؤسسات الدولة ،الاعلام ،التعليم. شعاره بت الكراهية في الناشئة ضد كل ما له علاقة بالمغرب. وهو دليل قاطع على الفشل الذريع الذي يعاني منه النظام العسكري الجزائري الذي لا شغل له سوى تدبير المؤامرات و رفض كل المبادرات الجادة للمغرب، و تصدير أزماته الداخلية ، و مقابلة سياسة اليد الممدودة بسياسة اليد المغلولة، ونهج سياسة القحط الفكري ، و سياسة التغليط والتضبيع والنفخ في الأنانية المريضة ،وتعليق فشلهم وأزماتهم على شماعة “عدو وهمي” اسمه المغرب، حسب عقيدتهم و عقدتهم المرضية التابثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock